هاني لبيب
من أكثر القضايا التى تشغلنى قضايا الملكية الفكرية، لأنها السبيل فى الحفاظ على حق الكاتب والمؤلف فيما كتبه من أفكار وإبداع. ولايزال النشر فى مصر يعانى من العديد من الانتهاكات فيما يخص حقوق الملكية الفكرية. نجد بعضهم يكتب مقالات منقولة حرفيًا من غيره من الكُتاب لمجرد إعجابه بالفكرة أو لكونها مطروحة للنقاش على الساحة.
دون أن يكون له رأى شخصى محدد. ونجد آخرين يتبعون نهج من كل مقال فكرة، ومن كل موقع جملة ومعلومة حتى تضيع حقوق الملكية الفكرية فى عالم الكلمات. وينسون جميعًا أن ما اقتبسوه ونقلوه ونسبوه لأنفسهم هم ليسوا مصدره، كما أنه يحمل بصمات وكلمات و«لزمات» آخرين، وهو ما يظهر بتحليل مضمون ما يطرحونه باعتباره ملكيتهم الشخصية.
ينطبق ما سبق مع الكتب أيضًا، حيث اقتنيت مؤخرًا كتابًا يحكى عن الشوارع المصرية والعربية. وهو يجمع أكثر من 100 حكاية شارع مصرى وعربى فيما يقرب من 400 صفحة. وقد أعجبنى كثيرًا لكونه يستدعى حكايات أسماء شوارع شهيرة مازالت ضمن محيط استخدامنا اليومى، سواء شوارع القاهرة الخديوية أو القاهرة القديمة أو الحديثة. بالإضافة إلى أسماء شوارع عربية مشهورة جدًا فى 13 دولة عربية.
ولكن سرعان ما اكتشفت أن محتوى العديد من مادة الكتاب ومضمونه عن الشوارع المصرية منقولة من موقع «حكاية شارع» الذى يمثل إحدى مبادرات الجهاز القومى للتنسيق الحضارى التابع لوزارة الثقافة. وهو الموقع الذى يستهدف حسب المنشور على موقعهم الرسمى إلى (التعريف بالشخصيات المهمة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع باللغتين العربية والإنجليزية)، وهو ما يعنى إهدار حقوق الملكية الفكرية لكيان وزارى حكومى.
ببساطة وسذاجة شديدة، يمكن التأكد، بعد عمل مقارنة سريعة، من أن الكتاب قد اقتُبس 100% فقط من غالبية الشخصيات المصرية التى تتضمنها من الموقع السابق دون أى إشارة للموقع أو جهود الباحثين والعلماء.. الذين قاموا بتأصيل وتوثيق معلومات الأسماء التى تحملها تلك الشوارع الشهيرة على مدار سنوات طويلة باعتبارها مرجعًا استند إليه.. التزامًا بحقوق الملكية الفكرية باعتباره من أصحاب الحيثية وسط الناشرين من جهة، وللمهنية فى قواعد نشر الكتب من جهة أخرى.
ومع ملاحظة ساذجة أخرى، وهى أن المؤلف يحذر فى الصفحات الأولى للكتاب من نسخ أو استعمال أى جزء من الكتاب دون إذن خطى من المؤلف. كما اقتبس حرفيًا أيضًا بعض الشخصيات من موقع «معرفة» الذى يذكر فى نهاية كل مقال عن أى شخصية المراجع التى استند إليها، والتى تخلو مصادرها من الكتاب المذكور.. مما يعنى أنه من قام بالنقل منه، وليس العكس.
الطريف فى الأمر أنه قد حدث ذلك أيضًا مع شوارع الدول العربية التى نقلها أيضًا دون تصرف أو إشارة من مدونة «وصلت» السعودية، ومدونة «ماى بيوت» الإماراتية، ووكالة الأنباء الكويتية «كونا»، وموقع «حكاية المنامة».
جميع ما سبق موثق باللينكات (الروابط) المنقول منها حرفيًا مادة ذلك الكتاب عن حكاوى الشوارع.. سواء كانت تلك الروابط تابعة لجهات رسمية أو وكالات أنباء وغيرها. والتى لم يذكرها الكتاب أو يشير إليها، سواء هى أو غيرها.. حيث يخلو من الهوامش والمراجع.
نقطة ومن أول السطر..
أطالب بأهمية تعديل قانون الملكية الفكرية بتقنين اعتماد ما يمكن أن نطلق عليه «النسخة المعتمدة للمحتوى ورقيًا أو رقميًا».. سواء للأعمال الفكرية أو الأعمال الفنية حفاظًا على المحتوى الثقافى والإنسانى من الاقتباس والسرقة والتزوير والحذف والإضافة والتنقيح الموجه.
نقلا عن المصرى اليوم