هاني صبري - الخبير القانوني والمحامي بالنقض
قام البنك المركزي بحزمة من الإجراءات المالية يهدف منها تحقيق سلامة النظام النقدي والمصرفي واستقرار الأسعار، والحفاظ على معدل تضخم منخفض إحادي مستقر، في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة وِفقًا لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020. وذلك لتخفيف الاعباء علي المواطنين، قرر البنك المركزي زيادة سعر الفائدة بواقع 600 نقطة أساس ليصل سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما رفع سعر الائتمان والخصم بنفس النسبة ليصل إلى 27.75%، كما قرر البنك السماح لسعر صرف الجنيه أن يتحدد وفقًا لآليات السوق.
وفِي تقديري الشخصي قرارات المركزي خطوة إيجابية لتصحيح مسار الاقتصاد المصري وسيؤدي للقضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي والقضاء على السوق الموازية لسعر الصرف. وخفض معدلات التضخم، على الرغم من الأعباء التي ستترتب على زيادة سعر الفائدة على النمو الاقتصادي وتكلفة التمويل سواء للمشروعات الاقتصادية أو تكلفة تمويل الموازنة.
وإن الإصلاح النقدي يحتاج إلى إصلاح اقتصادي والاتجاه إلى الصناعة، ولابد من الترشيد الحكومي وضرورة حماية الفئات التي يمكن أن تتأثر بإجراءات الإصلاح الاقتصادى وخلق فرص عمل وزيادة حزم الحماية الاجتماعية.
وهناك إشكالية غاية فى الأهمية تتعلق بجريمة الاتجار بالعملة خارج السوق المصرفى وخارج الجهات المصرح بها قانوناً بالمخالفة لقانون البنك المركزي،
تجدر الإشارة، أن التعامل في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفي أو الجهات المرخص لها في ذلك قانوناً، يعد جناية ويجب التصدي الحازم لمثل هذه الجرائم وملاحقة مرتكبيها.
وقد وجَّه المستشار النائب العام كافَّةَ النيابات على مستوى الجمهورية بالتصدي لهذه الجرائم بكل حزم، وملاحقة مرتكبيها بما خولَّه القانون للنيابة العامة من إجراءات، وفي هذا الصدد أمر المكتب الفني للنائب العام ونيابة الشئون المالية والتجارية بمتابعة مجريات التحقيق في تلك القضايا على مستوى الجمهورية، وإعداد دليلٍ إرشادي بخطواتِ وإجراءاتِ التحقيق المتبَعة في هذه الجرائم.
وتختص المحكمة الاقتصادية بنظر تلك الجرائم.
جدير بالذكر أن المشرع وفقاً لقانون البنك المركزي أباح لكل شخص طبيعي أو اعتباري حيازة النقد الأجنبي ما دام يتعامل فيه عن طريق البنوك والجهات المعتمدة - ، كما حظر عليه مباشرة عمل من أعمال البنوك دون ترخيص عدا الأشخاص الاعتبارية العامة التي تباشر عمل من هذه الأعمال - أعمال البنوك – في حدود سند إنشائها.
وتنص المادة "213" من قانون البنك المركزي على: إدخال النقد الأجنبي إلى البلاد مكفول لجميع القادمين للبلاد ، على أن يتم الإفصاح عنه في الإقرار المعد لهذا الغرض إذا جاوز عشرة آلاف دولار أمریكی أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخر، وإخراج النقد الأجنبي من البلاد مكفول لجميع المسافرين بشرط ألا يزيد على عشرة آلاف دولار أمریكي أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى، مع السماح عند المغادرة لجميع المسافرين بحمل ما تبقى من المبالغ السابق الإفصاح عنها عند الوصول إذا زاد على عشرة آلاف دولار امریكی أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.
إن جريمة التعامل في النقد الأجنبي وفقاً للقانون رقم 194 لسنة 2020 يكفي لتحققها وجود النقد الأجنبي والاتفاق على بيعه أو شرائه على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً، وعن غير طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقا لأحكام القانون وهذا يكفي للتدليل على توافر القصد الجنائي في حق المتهمين.والذي يقوم على فعل إيجابي يتمثل في إرادة المتهم بالتدخل تدخلا متتابعاً ومتجدداً بتكوين فعل التعامل في النقد الأجنبي من غير طريق البنوك والشركات المصرح لها بذلك.
نذكر مثال علي سبيل توضيح الأمر ، إذا حضر المتهم إلى المحل الخاص بغرض بيع واستبدال العملات الأجنبية بالعملة المحلية وتم ضبطها حوزتهما ، فإن في ذلك ما يكفي للتدليل على توافر القصد الجنائي في حقه ، ويكون ذلك واضحاً وكافياً في بيان واقعة الدعوى - بيانا تتحقق به أركان الجريمة .
أما عن عقوبة الاتجار في العملة خارج السوق المصرفية، فإن قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 194 لسنة 2020 الخاص بتنظيم عمليات النقد الأجنبى، هدفه منع عمليات الإتجار فى العملة خارج البنوك والشركات المصرح لها بذلك. وتغليظ العقوبة على كل من تسول له نفسه ممارسة تلك النشاطات، التي تؤثر بالسلب على الاقتصاد الوطنى.
حيث تنص المادة 207 من هذا القانون على ما مؤداه: يحدد مجلس إدارة البنك المركزى شروط التعامل فى النقد الأجنبى لشركات الصرافة والجهات المرخص لها، وكذا مدة الترخيص ونظام العمل فى هذه الشركات والجهات، وقواعد وإجراءات هذا التعامل، وأن يكون لمحافظ البنك المركزى فى حالة مخالفة أى من تلك الشركات أو الجهات لشروط الترخيص والقواعد والإجراءات المشار إليه، توجيه تنبيه أو إيقاف النشاط لمدة لا تتجاوز سنة أو توقيع جزاء مالی طبقاً للضوابط المنصوص عليها في المادة "145" من هذا القانون، أو إلغاء الترخيص وشطب القيد من السجل .
وتنص المادة "233" من ذات القانون، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر ، كل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من خالف أياً من أحكام المادتين "214، 215" الخاصة بقواعد وإجراءات التعامل في النقد الإجنبي وتنفيذ عمليات النقد الأجنبي والبيانات طبقاً لأحكام هذا القانون واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذاً له.
ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة ولا تزيد على أربعة أمثال ذلك المبلغ، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أياً من أحكام المادة "213" من هذا القانون وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها ، فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها،
وبذلك يكون قانون رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي، قد واجه بعقوبات تصل إلى السجن 10 سنوات وغرامة 5 ملايين جنيه، لكل من يتعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك.
لذلك يجب القضاء على السوق الموازية التي تتم فيها تعاملات تجارية تنتهك اللوائح والقوانين المفروضة على بعض السلع أو سعر الصرف بعض العملات الأجنبية، ولابد من ان يتكاتف الجميع لمواجهة تداعياته علي الفرد والمجتمع والتعامل بكل حزم وفقاً للقانون مع تلك الجرائم.