محرر الأقباط متحدون
ما تعكسه صلاة فعل الندامة من ندامة أمام الرب وثقة فيه والقصد بعدم العودة إلى الخطيئة. كان هذا محور تأمل البابا فرنسيس اليوم خلال استقباله المشاركين في الدورة السنوية التي تنظمها محكمة التوبة الرسولية حول سر الاعتراف.
استقبل البابا فرنسيس اليوم الجمعة المشاركين في الدورة السنوية التي تنظمها محكمة التوبة الرسولية حول سر الاعتراف. وعقب توجيه التحية إلى الجميع قال الأب الأقدس لضيوفه إنه وفي إطار زمن الصوم وسنة الصلاة استعداد لليوبيل يريد التأمل معهم حول صلاة بسيطة وغنية هي من إرث شعب الله المؤمن تُتلى خلال طقس المصالحة، قال قداسته، ألا وهي فعل الندامة. وواصل أن هذه الصلاة تحتفظ بصلاحيتها على الصعيدين الرعوي واللاهوتي وذلك رغم اللغة القديمة بعض الشيء التي قد تؤدي إلى فهم غير صحيح لبعض ما يرد فيها من كلمات. وذكَّر قداسته بأن نص هذه الصلاة هو لمعلم اللاهوت الأخلاقي القديس ألفونس ماريا دي ليغوري، راعٍ قريب من الناس، قال البابا، تميز بتوازن كبير حيث كان بعيدا عن الصرامة المبالغ فيها من جهة والتساهل من جهة أخرى.
وفي حديثه عن صلاة فعل الندامة قال البابا فرنسيس إنه يريد التوقف عند ثلاثة أفعال تتضمنها يمكنها أن تساعدنا على التأمل في علاقتنا برحمة الله، وتحدث قداسته بالتالي عن الندامة أمام الله والثقة فيه والقصد بعدم العودة إلى الخطيئة. وبدأ البابا تأمله فقال إن الندامة ليست ثمرة تحليل ذاتي أو شعور بالذنب، بل هي تنبع من الوعي ببؤسنا أمام محبة الله اللامتناهية ورحمته التي لا حدود لها. هذه الخبرة هي التي تحرك نفوسنا طالبين مغفرة الله متكلين على أبوته، قال الأب الأقدس مذكرا بنص فعل الندامة. ثم أوضح البابا فرنسيس أن الشعور بالخطيئة لدى الإنسان مرتبط بوعيه لمحبة الله اللامتناهية، فكلما شعرنا بحنانه كلما أردنا أن نكون في شركة كاملة معه وكلما بدا لنا واضحا قبح الشر في حياتنا. وواصل أن هذا الوعي الذي يتم التعبير عنه بالندامة والألم هو ما يدفعنا إلى التأمل حول أنفسنا وحول أفعالنا، وما يدفعنا إلى التوبة. ودعا البابا هنا إلى تذكُّر أن الله لا يكل أبدا عن المغفرة لنا وأن علينا من جانبنا ألا نكل أبدا عن طلب مغفرته.
ثم انتقل الأب الأقدس إلى الحديث عن الفعل الثاني أي الثقة في الله، وذكَّر في هذا السياق بأن فعل الندامة يصف الله بالصلاح الفائق، والمستحق لكل محبة فوق كل شيء. وأضاف البابا أنه من الجميل أن نسمع من فم النادم الاعتراف بصلاح الله اللامتناهي وبأوليته في حياتنا وبمحبتنا له، فالحديث عن محبة الله فوق كل شيء يعني جعل الله في مركز كل شيء كنور الطريق وأساس كل منظومة قيم، ويعني أيضا إيكال كل شيء إليه. وواصل قداسة البابا أن هذه الأولية لمحبة الله هي ما يحفز كل محبة أخرى، محبتنا للبشر وللخليقة، وذلك لأن مَن يحب الله يحب أخاه ويسعى إلى خيره دائما بالعدالة والسلام.
أما عن الفعل الثالث الذي أراد البابا فرنسيس التأمل فيه، أي القصد بعدم العودة إلى الخطيئة، فقال البابا فرنسيس إنه فعل يسمح بالانتقال الهام من الندامة الناقصة إلى تلك الكاملة. وأضاف الأب الأقدس أن الحديث يدور في النص عن القصد وذلك لأن لا أحد يمكنه أن يعد الله بعدم ارتكاب خطيئة، ولذلك فأن نيل المغفرة يتطلب تأكيد القصد والنية الصادقة خلال الاعتراف. ثم تابع الأب الأقدس مشيرا إلى أن ها ما نلتزم به بتواضع حيث يتضمن نص فعل الندامة التعبير عن هذا الالتزام بمعونة الله.
هذا وأراد البابا فرنسيس في ختام كلمته إلى المشاركين في الدورة السنوية حول سر الاعتراف، التي تنظمها محكمة التوبة الرسولية، لفت الأنظار إلى شيء آخر في نص فعل الندامة، ألا وهو طلب مغفرة الرب الرحوم. فالله رحمة، قال قداسة البابا، الرحمة هي اسم الله ووجهه. وتابع الأب الأقدس مشددا على أهمية أن نتذكر دائما أن في كل فعل رحمة وفي كل فعل محبة يظهر وجه الله. ثم قال قداسته لضيوفه إن الواجب المنوط بهم خلال منح سر الاعتراف هو جميل واساسي، وذلك لأنه يمَكنهم من مساعدة أخوة وأخوات كُثر على اختبار حنان محبة الله. وشجع البابا من وجهة الظر هذه الجميع على عيش كل اعتراف باعتباره لحظة نعمة فريدة ولا تتكرر، كما وشجع على هبة مغفرة الرب بسخاء ومحبة وأبوّة، بل وأيضا بحنان أمومي، قال قداسته. هذا ودعا الأب الأقدس الحضور إلى الصلاة، وأيضا الالتزام، من أجل أن تُزهر خلال سنة الاستعداد لليبوبيل رحمة الآب في قلوب وأمكان كثيرة، ليكون الله محبوبا ومسبَّحا دائما بشكل أكبر. تضرع البابا فرنسيس بعد ذلك كي ترافق مريم العذراء، أم الرحمة، الجميع، ثم بارك الحضور مؤكدا صلاته من أجلهم سائلا إياهم ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.