القمص يوحنا نصيف
القمص لوقا سيداروس

الإنجيل من لوقا (6: 35 – 38)
«أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئًا، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ. فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ. وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ. أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلاً جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ».

    تحذير الربّ شديد من جهة دينونة الآخرين.. فهي خطيئة مُشينة تُغضِب الحبيب. وقبل قول الرب: «لاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا»، قال: «أَحِبُّوا وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا». فقد شجّع السيّد العمل الإيجابي بالروح، قبل أن يَنهَى عن السلبي وهو الدينونة. فإنْ سَلَكَ الإنسان بحسب قانون روح المسيح، في السخاء والعطاء والإحسان إلى المُسيء.. فأين الدينونة للآخرين إذن؟

    لا موضع للدينونة حيث توجد المحبّة.. ولا موضع للنقد حيث توجد الخدمة الحقيقيّة.

    ليتني أحبّ أخوتي!! دعني أبدأ هذه الخطوة.. لأنّه باطل هو القول: إنّي أحبّ الأعداء، وأحسن إلى المبغضين، وأصلّي من أجل المسيئين، وأنا لم أتعلّم بعد كيف أحب أحبائي. لقد فَشلتُ في الخطوة الأولى، كيف أعقبها بخطوات وخطوات؟ وسقطتُ من أول درجات السلّم، فكيف يتسنّى لي أن أرتفع إلى الدرجات العليا؟!

    يا نفسي اعرفي مقدار ذاتك.. مارسي المحبّة، فهي الأمان الوحيد، وهي خلاص النفس من شوائب الدينونة.. وطِّدي المحبّة، واجعلي جذورها تنبت في قلبك في الداخل.. ليكن كلّ إنسان حلوًا في عينيكِ.. أليس هو مولودًا من الله؟ أحبِّي الله في كلّ أحدٍ، لأنّ البُغضة إذا سكنَتْ في القلب تنزع حبّ الله منه.

    + «أَعْطُوا تُعْطَوْا»
 يارب علّمني.. يا مَن أعطيتَ ذاتك.. يا من كسَرتَ جسدك لتعطي.. يا من افتقرتَ لتُغني.

 يارب علّمني.. أخرِجني مِن ذاتي، مِن أنانيّتي، فأُعطي، وبلا حساب.. كم هيَّأتْ لي النعمة فرَصًا للعطاء، ولكن شُلَّتْ يدي، وجَفّ قلبي، وتمسّكتُ بالشُّحّ، وأغلقتُ بابَ الرحمة دوني.

 يارب ساعدني لكي أغلِب ذاتي المتمرّدة، والمتمَركزة حول نفسها.. دعني أخرُج.. أختبِر الخروج خارج هذه الدائرة المظلمة.. أَخرُجُ إلى أثقالِ أخوتي (خر2: 11)، لا لكي أنظرها.. بل لأحملها.

 يا يسوع إلهي.. أعطِني لأعطي.. وأنا أعلم أنّك تزيد عطاءك لي، بِغَضّ النظر عن عطائي.

    + «الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ»
 هذا القول يُخيفني.. إنّ مكاييلي يا سيّدي لا تَصلُح.. مكاييل الدينونة والنميمة وعدم المحبّة.. ومكاييل الشُّحّ في المعاملة والقسوة في الكلام.. أو مكاييل التعالي والكبرياء والطمع.. أو مكاييل عدم قبول الآخر وقِلة المحبّة.. أو مكاييل عدم البذل والخدمة.

    أيّ مكاييل يا سيدي؟ أتوسل إليك أن تخلّصني من هذه المكاييل.. دَعني أُلقيها عنِّي، ولا أعود استعملها فيما أُكيل للآخرين.. بل أعطِني مِن عندك يا سيدي مكيال رحمة وحبّ وعطف على كلّ ضعيف أو خاطئ.. وأعطني مكيال الاتضاع لأغسل أرجل أخوتي بلا تأفّف.. أعطنِي مكيالك أنت أيها السخي في العطاء والكريم في التوزيع.. فآخُذ من يدك وأُكِيل للآخر.. علمنى أن أحبّ.. وأحبّ.. وأحبّ.

    يا لغبطة من كالوا بمكيال الرحمة «كَيْلاً جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ». لقد عَلِمتُ أنّ الربّ ادّخَرَ ذات المكيال الذي نكيل به على الأرض، لكي يُكال لنا به في السماء.
    وَيحي أنا الإنسان الشقي!
القمص لوقا سيداروس
القمص يوحنا نصيف