محرر الأقباط متحدون
لمناسبة حلول شهر رمضان وجهت الدائرة الفاتيكانية للحوار بين الأديان رسالة إلى المسلمين حول العالم بعنوان "المسيحيون والمسلمون: إطفاء نار الحرب وإضاءة شمعة السلام".
جاء في الرسالة التي حملت توقيع رئيس الدائرة الكاردينال غيكسوت: نحييكم مرة أخرى بمناسبة شهر رمضان برسالة قرب وصداقة، مدركين أهمية هذا الشهر لمسيرتكم الروحية ولحياتكم العائلية والاجتماعية، التي تشمل أيضًا أصدقاءكم وجيرانكم المسيحيين.
إن العدد المتزايد من الصراعات في هذه الأيام، بدءًا بالقتال العسكري، مرورًا بالاشتباكات المسلحة بدرجات متفاوتة من الشدة والتي تشمل الدول والمنظمات الإجرامية والعصابات المسلحة والمدنيين، أصبح مثيرًا للقلق حقًا. لقد قال البابا فرنسيس مؤخرًا إن هذه الزيادة في الأعمال العدائية تؤدي في الواقع إلى تحويل "حرب عالمية ثالثة يتم خوضها بشكل مجزأ" إلى "صراع عالمي حقيقي".
تابعت الرسالة تقول إن أسباب هذه الصراعات عديدة، بعضها قديم والبعض الآخر أحدث. فإلى جانب التطلع الإنساني الدائم إلى الهيمنة، والطموحات الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية، من المؤكد أن السبب الرئيس هو استمرار تصنيع الأسلحة والاتجار بها. ورغم أن جزءًا من عائلتنا البشرية يعاني بشدة من الآثار المدمرة لاستخدام هذه الأسلحة في الحروب، فإن آخرين، غير مكترثين، يبتهجون بالربح الاقتصادي الكبير الناتج عن هذه التجارة غير الأخلاقية.
وفي الوقت عينه، تابعت الرسالة، نحن ممتنون لوجود موارد بشرية ودينية هائلة لتعزيز السلام. إن الرغبة في السلام والأمن متجذرة بعمق في نفس كل شخص ذي نية طيبة، إذ لا يمكن لأحد أن يعجز عن رؤية الآثار المأساوية للحرب في فقدان الأرواح البشرية، والإصابات الخطيرة، وحشود الأيتام والأرامل. إن تدمير البنى التحتية والممتلكات يجعل الحياة صعبة للغاية، إن لم تكن مستحيلة. في بعض الأحيان، ينزح مئات الآلاف من الأشخاص داخل بلدانهم أو يضطرون إلى الفرار إلى بلدان أخرى كلاجئين. وبالتالي فإن إدانة الحرب ونبذها يجب أن تكون واضحة لا لُبس فيها: فكل حرب هي حرب بين الأشقاء، عديمة الفائدة، لا معنى لها ومظلمة. في الحرب الكل خاسر. وكما يقول البابا فرنسيس: "لا توجد حرب مقدسة، السلام وحده مقدس".
إن جميع الأديان، جاء في الرسالة، تعتبر حياة الإنسان مقدسة وبالتالي جديرة بالاحترام والحماية. كما أن الإحساس المتجدد باحترام هذه الكرامة الأساسية لهبة الحياة سيُسهم في الاقتناع بضرورة رفض الحرب وتقدير السلام. تعترف الأديان، رغم اختلافاتها، بوجود الضمير وبدوره الهام. إن تنشئة الضمائر على احترام القيمة المطلقة لحياة كل إنسان وحقه في السلامة الجسدية والأمن والحياة الكريمة، ستساهم أيضًا في إدانة الحرب ورفضها، أي حرب وكل الحروب. إننا ننظر إلى الله القدير كإله السلام، ينبوع السلام، الذي يحب كل من يكرسون أنفسهم لخدمة السلام الذي هو عطية إلهية، ولكنه في الوقت عينه ثمرة جهود بشرية، وخاصة من خلال تهيئة الظروف اللازمة لإرسائه وحفظه.
نحن أيضًا كمؤمنين شهود للرجاء ويمكن أن نرمز إلى الأمل بالشمعة التي يشع نورها بالأمان والفرح، في حين أن النار، في حال عدم السيطرة عليها، يمكن أن تؤدي إلى تدمير الحيوانات والنباتات والبنى التحتية وفقدان الأرواح البشرية. ختاماً كتبت الدائرة الفاتيكانية للحوار بين الأديان: دعونا نتشارك في إطفاء نيران الكراهية والعنف والحرب، ونضيء بدلاً من ذلك شمعة السلام اللطيفة، مستعينين بموارد السلام الموجودة في تقاليدنا الإنسانية والدينية الغنية. نتمنى أن يجلب لكم صيامكم وممارساتكم التقوية الأخرى خلال شهر رمضان، واحتفالكم بعيد الفطر، ثمارًا وافرة من السلام والرجاء والفرح.