د. ممدوح حليم
مجلة مدارس الأحد والدعوة للإصلاح
في أواخر الثلاثينات من القرن الماضي ، بنيت كنيسة الملاك بطوسون / روض الفرج/ شبرا، وأسس مدارس الأحد بها " إدوارد بنيامين". كان إدوارد بنيامين أبا محبا طيبا مما شجع طلبة المدارس والجامعة على الالتفاف حوله. وفي عام ١٩٤٢ أنشأ ملجأ لرعاية الأولاد الأيتام ( لم تعد كلمة ملجأ مقبولة وصار لفظ بيت يستخدم مكانها ) ، دعى الملجأ (البيت) بيت مدارس الأحد القبطي. وفي عام ١٩٤٧ قرر إصدار مجلة تدعى مجلة مدارس الأحد.

كان تخطيط إدوارد بنيامين أن تعبر مجلة مدارس الأحد عن فكر وتطلعات وأخبار ومشاكل المنتمين لحركة مدارس الأحد من مدرسين وتلاميذ. على أن تتخذ المجلة من بيت مدارس الأحد مقرا لها.

 كان من المنتمين إلى مدارس الأحد طلبة من المدارس الثانوية وطلبة الجامعة المصرية ( جامعة القاهرة) . وكان الوصول إلى هذه المراحل التعليمية أمرا نادرا آنذاك. انتمى أغلبهم إلى الطبقة المتوسطة وهي طبقة تتميز في مجملها بالطموح والتطلع لما هو أفضل. ظن بعضهم أنهم مبعوثو العناية الإلهية لإصلاح أحوال الكنيسة وأنهم ملاك الحقيقة المطلقة.

   والحق أن بعض أحوال الكنيسة لم تكن على ما يرام، فالبابا يوساب الثاني كان منساقا لتلميذه يحركه كما يشاء مما أدى إلى اضطراب الأحوال الكنسية. والحق أن رجال الكنيسة كانوا في مجملهم طيبين فلم يفكر أحد منهم في إيقاع عقوبات كنسية أو التلويح بها تجاه منتقديهم من هؤلاء الشباب ، وهي أمور حدثت فيما بعد عندما تولى بعض هؤلاء الشباب مناصب كنسية عليا. ولو حدث ذلك لتوقف أغلب هؤلاء الشباب عن انتقاد الأحوال الكنسية خوفاً من العقوبات.

 اتخذ شباب مدارس الأحد من مجلة مدارس الأحد منبرا للدعوة للإصلاح. تولى الإشراف على تحريرها إدوارد بنيامين المؤسس بنفسه، ثم تولى رئاسة تحريرها نظير جيد ( البابا شنوده الثالث فيما بعد) حتى عام ١٩٥٤، المستشار الكبير د. وليم سليمان حتى عام ١٩٥٩ ، وتعد الفترة من عام ١٩٤٧ حتى عام ١٩٥٩ هي أزهى فترات المجلة وهي فترة تميزها.

وعلى الرغم من محدودية توزيعها البالغ ٥ آلاف نسخة وهو عدد محدود وقليل مقارنة بمجلة الإيمان التي كان يطبع منها ١٥ ألف نسخة ومجلة المحبة التي كان يطبع منها ١٢ ألف نسخة ومجلة آخر ساعة التي كان يطبع منها ١٠٠ الف نسخة، إلا أنها كانت مجلة متميزة في الأوساط الكنسية. 

وفي عام ١٩٥٩ حدث منعطف خطير في تاريخ المجلة ، إذ رأى القائمون على إدارة بيت مدارس الأحد أنه إن كان البيت ينفق على صدور المجلة فإنه من حقه الإشراف على تحريرها ، لذا ضيقوا الخناق على رئيس تحريرها المستشار د. وليم سليمان مما أدى إلى ابتعاده عن المجلة ، وصارت المجلة لا تختلف عن غيرها من المجلات المسيحية . وفي منتصف السبعينيات قاموا بإزالة عبارة " تشرف على إصدار المجلة اللجنة العليا لمدارس الأحد ، فكا لارتباطها بمدارس الأحد وهو اسم لم يعد له وجود ، ونفيا لإشراف اللجنة العليا لمدارس الأحد والتي أصبحت كيانا وهميا، وتأكيدا لسيادة وهيمنة بيت مدارس الأحد عليها تحريرا وإدارة. ومنذ عام ١٩٥٩ صار رئيس مجلس إدارة البيت أو مدير البيت هو بالضرورة رئيس تحرير المجلة.