حمدي رزق
وحتى لا يفهم البعض هذه السطور خطأ، لا أحد يطلب منع الأذان.. حاشا وكلا، ولا أحد ضد رفع الأذان جهرًا فى المساجد.. حاشا وكلا، ولكن على وقته، وقت الصلاة، وبهدوء ووقار، برفق وتودد، بصوت حسن، جميل، مقبول.
متى كان الشهر الكريم فرصة لاستباحة سكينة الآمنين، ميكروفونات المساجد مفتوحة على البهلى، ع البحرى، وبأعلى شدة صوتية، تخرق كل سقوف «الديسيبل» الطبيعية، تخرق طبلة الأذن، تصيبك بالصمم.
معلوم، «الديسيبل» وحدة قياس شدة الصوت، العادية تكون عند 60 ديسيبل، وابتداء من ديسيبل 90 فصاعدًا تصاب الأذن بضرر إذا تعرضت لصوت بهذه الشدة لفترة طويلة.
وحتى لا يشتط أحدهم سريعًا وينجرف تكفيرًا وتفسيقًا، نحيله من فوره إلى خواطر مولانا الشيخ «محمد متولى الشعراوى»، حتى لا يزايد علينا أحد، ولا يتجنى علينا أحد، ما نحن إلا ناقلون عن مولانا الإمام ولا نتألى عليه.
الفيديو محفوظ على «يوتيوب» لمن يستوثق.
وحول رأيه فى الصوت العالى للأذان، والذى تسببه الميكروفونات، قال مولانا الشعراوى ما نصه: «هذه غوغائية تدين... وباطلة دينيًا».
وزاد مولانا بقوله: «اللى قاعد نايم طول النهار ويطلع قبل الفجر بساعة (يهبهب)، وفيه ناس عاوزة تنام وناس مريضة، الميكروفون أكبر نقمة مُنيت به الأمة الإسلامية الحديثة، وهى ليست لله فى شىء».
كفانى مولانا الشعراوى مؤنة وصف الصخب الرهيب الذى يصم الآذان جراء ارتفاع أصوات ميكروفونات المساجد، الصوت بمعدلات الديسيبل الصاخبة صعب الاحتمال، جد خرق متعمد لطبلة الأذن!
ومع ندرة الأصوات الشجية الجميلة بات الضجيج مضاعفًا، المساجد والزوايا تتنافس على اقتناء أكبر عدد من الميكرفونات مصوبة إلى الجهات الأربع، ضجيج والصمت عليه يصيب الآذان بالصمم.
أستعير وصف مولانا الشعراوى «غوغائية تدين» وأقف على حكمه «باطلة دينية» وأهدى فيديو الشيخ الشعراوى إلى الدكتور «مختار جمعة»، وزير الأوقاف، ليقف على الحكم الشرعى لما يصدر عن بعض المساجد فى رمضان من استخدام مفرط للميكروفونات.
مع حلول الأذان، تصطخب الأجواء بعاصفة متداخلة من الأصوات التى يصعب وصفها احترامًا لأصحابها، ولكن أكثرهم لا يبالون بما يصدرونه من أذى للناس، ويرفعون أصواتهم فوق أصوات بعض، ويجهرون زعيقًا.
المزايدة الدينية على الناس فى بيوتهم عادة كريهة، الناس عندها ألف طريقة وطريقة لتعرف دخول الصلاة، تليفزيون وراديو وموبايل، ثم إن الأصوات الندية باتت نادرة، ما يصدر لا يندرج أبدًا تحت أجمل الأصوات!!
لافت غياب المؤذنين الموهوبين، وتركوا الميكروفونات لعمال المساجد والمتطوعين، ومن حضر باكرًا واستولى على الميكروفون ليُسمع حرمه المصون صوته الحنون، ويعلن أنه فى المسجد ليشهدوا له بالإيمان.
استمراء صخب المساجد ليس من الدين فى شىء، باطل دينيًا، والصمت على غوغائية الميكروفونات منكور دينيًا من كبار الأئمة، ولكم فى مولانا الشعراوى أسوة حسنة.
تجاهل فكرة «الأذان الموحد» التى بدأها قبل عقد أو يزيد طيب الذكر المرحوم الدكتور «محمود حمدى زقزوق»، وزير الأوقاف الأسبق، طمّعت المزايدين فى استباحة ميكروفونات المساجد لتعذيب البشر بأصوات حناجرهم المتحشرجة، وألسنتهم المعوجة، وأخطائهم الفجة فى رفع الأذان.
ما نرجوه أذان موحد بصوت جميل يتسلل إلى الأرواح، يوقظ الغافلين، لا يؤذى السامعين..
نقلا عن المصرى اليوم