ياسر أيوب
رغم اعتزازنا وفرحتنا بما حققته البعثة المصرية فى دورة الألعاب الإفريقية الحالية فى غانا من نجاحات وعدد هائل من الميداليات.. لابد أن نصغى بهدوء لأصوات أخرى فى إفريقيا ونسمع كلامًا مختلفًا مثل الذى قالته مؤخرًا أجنيس جوناريرو، وزيرة الرياضة والشباب فى ناميبيا.. فبعد المؤتمر الاستثنائى الذى استضافته أكرا منذ أيام بمشاركة وزراء ومسؤولين كبار لمناقشة مستقبل الرياضة الإفريقية.. قالت وزيرة الرياضة فى ناميبيا إن دورات الألعاب الإفريقية لاتزال حتى الآن تفتقد الاهتمام الكافى الذى تستحقه ويليق بها..
ولا يحرص نجوم رياضيون دوليون من إفريقيا على المشاركة فيها، ولا يعتبرونها دورة مهمة مثل الألعاب الأوليمبية أو حتى ألعاب الكومنولث.. وتملك صاحبة هذا الرأى تاريخًا رياضيًا طويلًا، وسبق أن تولت رئاسة اللجنة الأوليمبية فى بلادها قبل تولى وزارة الرياضة منذ أربع سنوات.. وحتى لا يسارع البعض ويتهموا أجنيس بمعاداة مصر أو غضبها بعد نجاحات كبرى للبعثة المصرية فى دورة الألعاب الإفريقية الحالية..
لابد من التوقف أولًا أمام عدة حقائق مهمة.. أولاها أن ناميبيا ليست من القوى الإفريقية الرياضية الكبرى، ولم تكن فى أى وقت منافسة لمصر أو أى دولة إفريقية أخرى على صدارة دورات إفريقيا.. والحقيقة الثانية أن هذه الدورة الحالية كان من المفترض أن تقام العام الماضى وتأجلت لتقام قبل قرابة مائة يوم فقط من انطلاق دورة باريس الأوليمبية.
ونتيجة لذلك غابت نجمات ونجوم كثيرون وفضلوا مواصلة استعدادهم الأوليمبى.. والحقيقة الثالثة أن مصر فازت بصدارة 7 دورات إفريقية سابقة.. منها أول دورتين فى برازافيل 1965 ولاجوس 1973، وآخر دورتين فى برازافيل 2015 والرباط 2019.. وهو ما يعنى أن انتصارات مصر فى دورة أكرا الحالية كانت وستبقى حقيقية ودائمة وليست استثناء أو مفاجأة.. ومن المؤكد أن كل انتصارات مصر الحالية فى أكرا لا تتشابه.. فهناك انتصارات حقيقية لألعاب باتت مصر فيها تنافس على المستوى العالمى وليس الإفريقى فقط.. وانتصارات خادعة فى ألعاب أخرى نتيجة غياب منافسين حقيقيين.
فكينيا على سبيل المثال لم تحقق نجاحات كبرى فى أكرا ولم تفز بأى دورة إفريقية سابقة، لكنها كانت البلد الإفريقى الأكثر فوزًا بالذهب الأوليمبى فى دورتى طوكيو وريو دى جانيرو الماضيتين.. وبالتالى لا يمنع أن نحتفل بما حققناه فى أكرا دون أن ننسى الالتفات لدورة باريس المقبلة إلا إذا قررنا الاكتفاء بانتصارات أكرا ونترك الساحة الأوليمبية وميدالياتها لبلدان إفريقية غيرنا.. وليس من الصواب المغالاة فى المديح أو الانتقاد لتبقى أقدامنا تلامس الأرض والواقع حتى إن كانت أحلامنا كلها فى السماء.. والمؤكد أن مصر ستبقى تستحق نجاحًا أوليمبيًا يليق بها.