حمدي رزق
السلع المسعرة جبريًا فى مصر تُعد على أصابع اليد اليسرى، السجائر والبنزين و(الخبز المدعم) والدواء، وتسعيرة جبرية بمعنى لا تستطيع شركات الدواء رفع سعر الدواء إلا بالرجوع إلى هيئة الدواء المصرية، والحصول على صك بالزيادة المقررة.
اليوم الثلاثاء، 26 مارس، تنتهى المهلة المحددة من هيئة الدواء لشركات الدواء لتقديم طلبات رفع أسعار الأدوية (المهلة بدأت يوم 12 مارس الجارى بعد تحرير سعر الصرف مباشرة).
بالضرورة، الهيئة ستتوفر على فحص ودراسة الطلبات المقدمة لتحديد المستحضرات التى ستتم الموافقة على زيادتها، وتحديد نسب الزيادة.
لو كانت جهة معنية بحقوق المرضى لدخلت طرفًا ثالثًا فى المعادلة السعرية، طرف صاحب مصلحة مباشرة فى تحديد المستحضرات القابلة للزيادة، ونسب الزيادة، وسبب الزيادة، وتوقيتها، أخشى السبب هجمات الحوثيين فى البحر الأحمر؟!
لله الأمر من قبل ومن بعد، والبركة فى المؤتمنين فى هيئة الدواء، حنانيكم، وتقال للاستعطاف، ربنا رزقنا بشركات دوائية نهمة لمص دماء المرضى، يُسلعون حتى المضاد الحيوى، احتكارات شرهة، لا يشبعون أبدًا من التجارة فى أمراض الغلابة، يسارعون إلى المطالبة بزيادة الأسعار وكأن الأدوية أصلًا متوافرة وبرخص التراب.
مُكره لا بطل، تدخل الصيدلية معززًا مكرمًا تطلب روشتة الدواء، يتحرق دمك، الإجابة بالسالب، الدواء ناقص، أو بالموجب، موجود لكن فى عبوة جديدة، بسعر جديد يجاوز السعر الأصلى بنسب مئوية فلكية، خلاصته ظهرك للحيطة، العبوة الجديدة بالسعر الجديد وأنت صاغر.
الأسعار ترتفع بالعدوى، كل دواء يسمّع فى مجموعة، أدوية السكر تسمع فى أدوية الضغط، وكلاهما يسمع فى أدوية السرطان، حتى أدوية الصداع والإسهال لم تنجُ من غائلة الأسعار، نموذج ومثال JONUMET 50/1000 ارتفع سعره من 308 جنيهات إلى 441 بنفس العبوة فى نفس العلبة!!
رئيس شعبة الأدوية فى اتحاد الغرف التجارية المصرية «على عوف» سانن سنانه على المرضى، بات ظهوره يصيبك بالصداع النصفى، مستفز ويستنفر فيك كل عوامل الغضب المكبوتة، وهو يطالب هيئة الدواء المصرية بتحريك أسعار عدد من الأدوية المتداولة، سيما بعد تحرير سعر الصرف، وهجمات الحوثيين وانعكاساتها على كلفة النقل (النولون الجوى).
سعادته يتلطف قولًا، فقط نطلب زيادة أسعار 1500 صنف من 17 ألف صنف، عوف يلف رؤوسنا بشاش طبى، فاكرنا هبل وعبط وداقين عصافير خضر بتطير، عوف يستهدف بالزيادة الـ1500 صنف الرائجة فعليًا وعليها طلب مرضى!
عوف الأصيل، وهذا من قبيل المزاح، بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن شركات الأدوية، يمارس سياسة «لى الذراع»، ذراع الحكومة، وكسر رقاب المرضى، وكأن أسعار الأدوية ثابتة، وكأنها لم تزد فعليًا بنسبة 24% خلال العام الماضى!!
ويضحك على ذقن الحكومة من يبغبغ بخسائر شركات الأدوية تبريرًا للزيادة الجبرية المنظورة، عندما يصل حجم المبيعات فى عام مضى ما قيمته 210 مليارات جنيه فى الداخل، ونحو مليار دولار تصديرًا... كم تبلغ أرباح الشركات؟!
عوف والذين معه مصابون بالصمم، لا يسمعون أنات المرضى، ولا يشعرون بمأساتهم فى تدبير ثمن الروشتة، معلوم المريض مكره، فى حالة إذعان، حياته مرتهنة بالدواء، ولو باع عفش البيت، وفى الأخير ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام، وما أُخذ بسيف (الإذعان) فهو حرام قطعًا!!
نقلا عن المصرى اليوم