محرر الاقباط متحدون
أهمية العمل معا ودور ومسؤولية سلطات الدولة لمواجهة العنف والاتجار بالمخدرات وضمان مستقبل أفضل للأطفال والفتية والشباب. هذا ما شدد عليه البابا فرنسيس في رسالة فيديو وجهها إلى مؤمني مدينة روساريو الأرجنتينية أمام ما تعاني منه من عنف.
وجه قداسة البابا فرنسيس اليوم ٢٦ آذار مارس رسالة فيديو إلى مؤمني مدينة روساريو الأرجنتينين التي تعاني من مشاكل بسبب العنف ونشاط عصابات الاتجار بالمخدرات. وبدأ الأب الأقدس رسالته بكلمات يسوع "طوبى للساعين إلى السلام" (متى ٥، ٩)، وقال إنه في لحظة أزمة مثل تلك التي تعيشها مدينة روساريو نتفهم ضرورة تواجد قوى الأمن من أجل ضمان السكينة للجماعة، إلا أننا نعلم أنه خلال مسيرة السلام يجب أن تكون هناك إجابات مركبة ومتكاملة بالتعاون بين جميع المؤسسات التي تشكل حياة المجتمع. وشدد البابا بالتالي على ضرورة تقوية الجماعة مضيفا أن كل شعب لديه الأدوات لتجاوز ما يهدد تكامله وحياة أكثر أبنائه ضعفا. وواصل الأب الأقدس أنه لا يمكن لأي شخص ذي نوايا طيبة أن يشعر بنفسه مستبعَدا أو أن يُستبعد من الواجب الكبير المتمثل في جعل روساريو مكانا يشعر فيه الجميع بكونهم أخوة.
تحدث البابا فرنسيس في رسالته بعد ذلك عن الأوضاع التي تعيشها المدينة مشيرا إلى أنه لم يكن من الممكن الوصول إلى هذه الأوضاع بدون مشاركة قطاع من السلطة، سواء السياسية أو القضائية أو الاقتصادية والمالية، ومن الضروري بالتالي إعادة تأهيل السياسة والتي هي دعوة نبيلة وأحد أثمن أشكال المحبة، وذلك لأنها تسعى إلى الخير العام. وتابع الأب الأقدس مشددا على أن كل القطاعات السياسية مدعوة إلى القيام بمسيرة توافق وحوار لإصدار قوانين وسياسات عامة ترافق عملية استعادة النسيج الاجتماعي، كما وأشار إلى أن تناوب الإدارات يجب عليه أن يضمن استمرارية لمسيرات التغيير. وتحدث البابا عن ظاهرة الاتجار بالمخدرات فقال إنه من الضروري مواجهة لا فقط العرض بل وأيضا الطلب، وذلك من خلال سياسات وقاية ومساعدة، وأضاف أن صمت الدولة في هذا المجال يُطَّبِّع ويُسهل انتشار استهلاك المخدرات والاتجار بها. أشار الأب الأقدس أيضا إلى ضرورة أن يضمن النظام الديمقراطي، وفي مثل هذه الأوضاع التي تعيشها المدينة، استقلالية القضاء، وذلك للتحقيق في شبكات الفساد وغسل الأموال التي تؤدي إلى نمو الاتجار بالمخدرات. وأضاف البابا أن كل عضو في السلطة القضائية مسؤول عن استقامته التي تبدأ باستقامة القلب، كما وأراد توجيه الشكر إلى جميع الرجال والنساء الذين يُعرِّضون حياتهم للخطر من أجل الخير العام، وذلك في التزام صامت من أجل العدالة في إطار يفقد إنسانيته في حالات كثيرة.
ثم تطرق قداسة البابا إلى قطاع الأعمال مشيرا إلى أهمية رجال الأعمال الجيدين من أجل اقتصاد جيد، ولكنه اشار أيضا إلى أنه لا يمكن أن يوجد اقتصاد سيء بدون مشاركة جزء من القطاع الخاص. وشدد قداسته بالتالي على واجب قطاع الأعمال لا فقط تفادي المشاركة في نشاطات المنظومات المافيوية، بل المشاركة في المقابل في التزام اجتماعي. وأراد البابا فرنسيس الإشارة في هذا السياق إلى أن هناك الكثير من الأمثلة على هذا الالتزام وسط رجال الأعمال الأرجنتينيين. كما وذكَّر قداسته بأنه لا يمكن لأحد أن ينجو بمفرده مشيرا إلى أنه حتى في القطاع الخاص هناك التهديدات والمخاطر، وشدد على أن السلام عمل يحتاج إلى الإبداع والالتزام من قِبل جميع مَن لديهم عطية التجديد.
توقف البابا فرنسيس بعد ذلك عند كون الفقراء ضحية الإقصاء في كل الأنظمة المافيوية، ودعا المؤمنين بالتالي إلى توحيد الجهود كي توفر الدولة والمؤسسات الوسيطة فسحات جماعية في الأحياء التي تعاني من الضعف، وأن توفر من جهة أخرى الظروف من أجل تنمية بشرية متكاملة للأطفال والفتية والشباب ليكون لهم مستقبل أفضل مقارنة بآبائهم وأجدادهم. وشدد قداسة البابا على ضرورة أن تتحد كل المؤسسات، ما بين اجتماعية ومدنية ودينية، من أجل تشكيل جماعة، وأشار في هذا السياق إلى أن روساريو بإمكانها الاعتماد على ثراء كبير فيما يتعلق بالمؤسسات التي تعمل لصالح القريب، وأضاف أن بإمكاننا جميعا التعاون وأن نكون جزءً من الفسحات الرياضية والتربوية والجماعية. وواصل البابا فرنسيس محذرا من الخوف الذي يؤدي إلى الانعزال والشلل، ودعا المؤمنين من هذا المنطلق إلى عدم التخوف من الالتزام في وحدة مع الآخرين كي يكونوا ردا سلميا وملهِما.
وفي حديثه عن الكنيسة قال البابا فرنسيس في رسالة الفيدية إنها كأُمّ وسامرية مدعوة إلى مرافقة عائلات ضحايا العنف ومرافقة المرضى ومَن يعيشون آفة الإدمان وعائلاتهم، مرافقة السجناء الذين هم في حاجة إلى مسيرات إعادة دمج في المجتمع، ومَن يعيشون في أوضاع هشاشة قصوى. وتحدث الأب الأقدس هنا عن الرعايا باعتبارها الكنيسة التي تصبح قريبة والجماعة التي يمكن فيها للجميع أن يشعروا بأنفسهم محبوبين. وأضاف البابا أن الرعايا بالنسبة للكثير من الأطفال والفتية والشباب هي خبرة العائلة الوحيدة التي تتوفر لهم فرصة معرفتها. ثم شدد الأب الأقدس على أن المحبة وأعمال المحبة هي في هذا الزمن إعلان الإنجيل الأكثر وضوحا بالنسبة لمجتمع يشعر بنفسه مهدَّدا.
وفي ختام رسالة الفيديو التي وجهها إلى مؤمني مدينة روساريو الأرجنتينية أراد البابا فرنسيس أن يؤكد للجميع قربه منهم، وأكد من جهة أخرى أن عذراء روساريو تشفع بلا توقف لأبنائها جميعا، وبشكل خاص وكما تفعل الأمهات، من أجل مَن يعانون من ضعف أكبر. ثم ختم الأب الأقدس مباركا الجميع.
البابا فرنسيس