القمص لوقا سيداروس
القمص يوحنا نصيف

الإنجيل من لوقا (4: 1 – 13)
    « أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ ٱلْأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِٱلرُّوحِ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا. وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: إِنْ كُنْتَ ٱبْنَ ٱللهِ، فَقُلْ لِهَذَا ٱلْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزًا. فَأَجَابَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ ٱللهِ. ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ ٱلْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ ٱلزَّمَانِ. وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: لَكَ أُعْطِي هَذَا ٱلسُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ، لِأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ، وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ ٱلْجَمِيعُ. فَأَجَابَهُ يَسُوعُ وَقَالَ: ٱذْهَبْ يَا شَيْطَانُ. إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ. ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ ٱلْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ٱبْنَ ٱللهِ فَٱطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلُ، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلَائِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ، وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لَا تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ قِيلَ: لَا تُجَرِّبِ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ. وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ».

    يُكَرِّر إنجيل هذا اليوم على مسامعنا فصل التجربة على الجبل، بحسب القديس لوقا الإنجيلي. ويقول: كان الربُّ يُقتاد بالروح.. هو روحه الخاصّ الذي هو واحد معه مع الآب، وحَلّ عليه في المعمودية لحساب طبيعتنا فيه.. والآن يقول القديس بولس بناءً على ذلك: «لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: يَا أَبَا الآبُ» (رو8: 14، 15).

    فقد بارك طبيعتنا فيه، وقدّسها، ووحّدها بذاته.. هذه هي خِلقتنا الجديدة، فنحن مخلوقون جديدًا في المسيح. لذلك بقيادة الروح نحيا ونتحرّك ونوجَد، وبالنعمة الكائنة فينا نغلِب ونجوز التجارب.

    لا تُلغَى التجارب، فهي حَتمًا حاصِلة..
    ولا يُلغَى المُجَرِّب، فهو موجود وقائم للحرب ضدّ المسيح.
    ولكن حينما يقود الروح خطواتنا، فنحن بالنعمة مُخَلَّصون، لا بقوّتنا ولا بتقوانا.

    + هذا هو اختبارنا الأكيد في أيّام صومنا، وفي حال تَعَرُّضنا للتجارب. ما أجمل قول المزمور: «لأَنِّي بِكَ اقْتَحَمْتُ جَيْشًا، وَبِإِلهِي تَسَوَّرْتُ أَسْوَارًا»  (مز18: 29). هل يُعقَل أنّ إنسانًا يَقتحِم جيشًا؟ ولكِنْ مَن اتّحدَ بالمسيح الإله القادر على كلّ شيء، ومَن يقود الروح خطواته ومسيرته، يَقدِر ولا يكون لديه شيء غير ممكن.

    ألم يَقُل المُرنّم: «إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي» (مز23). نحن في مَعِيّة المسيح، فيَهرَب الخوف، ويَنكسِر الموت، وتَبطُل قوّة المُجرِّب.

    + الاختبار العملي في حياتنا: أنّ الاقتياد بالروح يُغني الإنسان، حتّى عن حاجات الجسد الضروريّة؛ ويُشبِع الحياة بغِنَى الروح من فرح وتعزية وسلام، الأمور التي تَجعَل الإنسان يَزهَد الأكل والشرب المادّي عن قَنَاعة، كقول الحكيم: «اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ» (أم27: 7).
القمص لوقا سيداروس
القمص يوحنا نصيف