باسر أيوب
بلدان قليلة فى العالم لن تصح وتليق الكتابة عن كرة القدم فيها دون الرجوع للتاريخ والسياسة والدراما مع قدر ليس قليلًا من الدهشة والاستغراب وأسئلة لا إجابات لها.. وعلى رأس قائمة هذه البلدان تأتى كوريا الشمالية التى منذ تأسيسها 1948 لا تتعامل مع كرة القدم مثل باقى بلدان العالم.. فهى لا تسمح بتأسيس أندية كروية خاصة أو مستقلة، وكل أنديتها تابعة فقط لمؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش والحزب الحاكم.
وليس فيها دورى للمحترفين.. وبدأ دورى الهواة منذ 1960، ويضم فى المتوسط 15 ناديًا للدرجة الأولى، و40 للثانية، و80 للثالثة.. ولا تذيع الدولة مباريات الكرة مباشرة على الهواء أو بشكل دائم إنما فقط المباريات التى يحضرها رئيس الدولة.. وكانت كرة القدم والرياضة كلها فى كوريا الشمالية ضحية لعزلتها السياسية وعدم ترحيب العالم باللعب معها وعدم رغبتها فى اللعب مع العالم.
وكان من المفترض أن تستضيف كوريا الشمالية أمس الأول اليابان ضمن تصفيات آسيا لمونديال 2026 لكنها اعتذرت وطلبت نقل المباراة إلى بلد محايد دون شرح أسبابها واكتفت بذكر ظروف قاهرة.. ورفض الفيفا تأجيل أو نقل المباراة مما يعنى ضياع فرصة تأهل كوريا الشمالية للدور التالى رغم فوزها فى مباراتين على سوريا وميانمار.
ومن الواضح أن كوريا الشمالية لا تهتم بذلك، وليس اللعب فى المونديال من طموحاتها وحساباتها الكروية رغم أنها كانت أول دولة آسيوية تتأهل لدور الثمانية فى المونديال فى أول مشاركة مونديالية.. فقبل مونديال 1966 فى إنجلترا.. وضع الفيفا بلدان إفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا فى مجموعة واحدة، فانسحب الجميع احتجاجًا ولم تبق إلا أستراليا وكوريا الشمالية فقط.
وفازت كوريا الشمالية وتأهلت للنهائيات لتخسر مباراتها الأولى أمام الاتحاد السوفيتى ثم تعادلت مع تشيلى، ثم المفاجأة الكبرى بالفوز على إيطاليا لتتأهل لدور الثمانية.. وأمام البرتغال سجلت كوريا الشمالية ثلاثة أهداف متتالية قبل أن تعود البرتغال بخمسة أهداف.. وفى مشاركتها المونديالية الثانية فى مونديال 2010 فى جنوب إفريقيا.. خسرت كوريا الشمالية مباراتها الأولى أمام البرازيل.
والثانية أمام البرتغال التى كانت أول مباراة للمنتخب ينقلها التليفزيون الرسمى بعد 12 عامًا.. لكن تم قطع الإرسال بعد الهدف البرتغالى الرابع.. وتمت محاصرة المنتخب فور عودته بتهمة العار العلنى، وتم إجبار كل من كانوا فى جنوب إفريقيا، ومعهم وزير الرياضة، على الوقوف ساعات طويلة أمام الناس كنوع من الإذلال، مع قيام المعلق بتحديد أخطاء كلشخص.. وكان العالم ينتظر مباراة أمس الأول أمام اليابان بعد تاريخ حافل بالجرائم والقسوة أثناء الاحتلال اليابانى لكوريا قبل تقسيمها لشمال وجنوب، لكن رفضت كوريا الشمالية أن تلعب.
تقلا عن المصرى اليوم