حمدي رزق
القاعدة «ما لا يُدرك كله لا يُترك جُله» مفادها: إذا تعذر حصول الشىء كاملا، وأمكن المكلف فعل بعضه، فإنه يفعل المقدور عليه، ولا يترك الكل بحجة عجزه عن بعضه.
أهمية القاعدة لجهة اتساعها، إذ يندرج تحتها مسائل شتى، لكونها تتعلق بالمأمورات الشرعية التى تمثل غالب التكاليف الشرعية، ومثلها المأمورات الوطنية التى تمثل غالب التكاليف الوطنية.
وفقا للقاعدة أعلاه، يلزم التوقف والتبين أمام بيان وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية (يوم الخميس)، توقفا أمام حقيقة رقمية تقول إن مصر سجلت أقل معدل للنمو السكانى خلال الـ (50 عاما الأخيرة)، إذ انخفض المعدل من 2.6 بالمائة فى عام 2017 إلى 1.4 بالمائة فى 2023.
وتبين أسباب هذا الانخفاض، وإمكان البناء عليه بمخططات وطنية لخفض مستدام فى الزيادة السكانية حتى العام 2050.
التوقعات تقول ببلوغ عدد السكان فى مصر إلى 116 مليون نسمة عام 2030، و144 مليون نسمة عام 2050، شرط خفض مستويات الإنجاب إلى 2.1 طفل لكل سيدة عام 2042، أى بفارق مليون نسمة عام 2030، و1.3 مليون نسمة عام 2050 (عدد السكان بلغ 106 ملايين نسمة، يوم الخميس 8 فبراير 2024).
الثابت أن انخفاضا لافتا فى أعداد المواليد خلال عام 2023 بلغ حوالى مليونى مولود، بخفض 15 بالمائة مقارنة بعام 2018 وسبعة بالمائة مقارنة بعام 2022.
إذا أمكن الإمساك بالمنحنى السكانى الزمنى، وإمكان تثبيته على علامة السالب، كسبنا مستقبلا أكثر تفاؤلا، ليس أخطر على مصر من الانفجار السكانى، قنبلة موقوتة كما يصفون.
بيان وزارة التخطيط يلفتنا إلى أن معدلات النمو السكانى انخفضت فى الفترة من 2017 إلى 2023 بنسبة 46 بالمائة، نتيجة مباشرة لجهود الدولة فى معالجة القضية السكانية، والأثر الموجب لإطلاق المشروع الرئاسى لتنمية الأسرة المصرية فى فبراير 2022 بهدف تحسين التعليم والصحة.. وضبط النمو السكانى.
الأرقام ليست صدفة، جد نتاج لحملة حكومية مخططة جيدا أطلقت فى العام 2019، لتنظيم الأسرة فى محاولة لتغيير التقاليد المتجذرة فى الريف المصرى بتفصيل الأسر الكبيرة.
بصيص من الأمل تشى به الأرقام. منوال الزيادة السكانية يحقق لأول مرة أرقاما تؤشر على انخفاض، من ١.٦٪ فى العام ٢٠٢٢ إلى ١.٤٪ فى العام ٢٠٢٣، وهذا يبعث على التفاؤل بإمكانية خفض معدل المواليد تباعا وباستدامة، ما يمكن البناء عليه اقتصاديا فى السنوات الست المقبلة حتى 2030.
إذا نجحت الحكومة فى خفض المواليد إلى ما دون المليون سنويا كسبنا مستقبلا أفضل، جد لا تزال الأرقام مقلقة، ورغم الانخفاض، لا يزال الخطر ماثلا لو مشينا بهذا المعدل.. ويلك يا وطن.
مصر الدولة تزيد ما يساوى دولة صغيرة سنويا، والحكومة اعتمدت برنامجا مدته 10 سنوات ترتكز أهدافه على ألا يزيد عدد المواليد فى الأسرة الواحدة على طفلين فقط، حاليا كل عشر سيدات ينجبن 28 طفلا، والمستهدف هو الوصول إلى معدل كل عشر سيدات ينجبن 21 طفلا.
الوصفة سهلة، ولكن دونها «خَرْط القتاد» كناية عن الشَّىءِ البعيدِ المستحيلِ، والقتادُ نوعٌ مِن الشَّجرِ الشَّوكى الَّذى لا يُوصَلُ إليهِ إلَّا بعسرٍ ومشقَّةٍ، وخرطُ القتادِ يعنى خرطُ وإزالةُ شوكِهِ للوصولِ إلى ثمرِهِ.. وعن «خَرْط القتاد» اسألوا رجال الدين، جماعة تكاثروا تكاثروا.. الذين يزعقون فى الناس بالتناسل؟!.
نقلا عن المصري اليوم