كمال زاخر
30 مارس 2024
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• استوقفتنى دراسة جادة لأحد الباحثين الإكليروس، تتناول حدث التقاء القديسين انطونيوس، مؤسس الرهبنة، والقديس بولا أول السواح، القرن الرابع الميلادى، وقد طلب ق. بولا من ق. انطونيوس أن يذهب الى البابا القديس اثناسيوس الرسولى ليأتى منه بالعباءة التى اهداها الملك قسطنطين للبابا البطريرك، بعد انفضاض مجمع نيقية 325م، ففعل هذا.
وعاد الى مغارة أول السواح ليجده قد مات، فكفنه بها، وأخذ ثوبه الخشن الذى كان يلبسه وعاد به للأب البطريرك، الذى ادرك قيمته، ولم يفارقه حتى رحيله.
يقول صاحب الدراسة، أن هذه الواقعة كانت رسالة للكنيسة عبر البابا؛
أن عليه أن تتخلص من "عباءة الإمبراطور" والتى ترجمتها فى كثير من مفردات مظهرها وربما تراتبيتها، وتتدثر فى "ثوبها الخشن" الذى يحمل مفاهيم الترك والتخلى عن مظاهر القوة والفخامة، فى عودة لنموذج سيدها، ليكون فضل القوة لله لا الإمبراطور وبلاطه الملكى وأدواته.
ونقرأ فى سطور الكتاب:
# فى سنكسار يوم 9 هاتور، اليوم الموافق انعقاد مجمع نيقية سنة 325 م نقرأ عن قسطنطين أنه : [ وضع أمامهم (المجتمعين بمجمع نيقية) قضيب المُلك وسيفه قائلاً لهم : إن لكم هذا اليوم سلطان الكهنوت والمملكة لتحلوا وتربطوا كما قال السيد. فمن أردتم نفيه أو إبقاؤه فلكم ذلك].
# قضى «قضيب المُلك» أولاً ضد أريوس وهرطقته فى مجمع نيقية، ثم ما لبث أن أعاده بهرطقته قسراً إلى الإسكندرية.
وأصبحت هذه الأحكام سابقة أخذ بها القضاء من ملك إلى ملك، فقضى ضد تسطور وهرطقته فى مجمع أفسس. ثم ضد البابا ديوسقوروس وأرثوذكسيته فى مجمع خلقيدونية.
تحمل أصحاب العقيدة المستقيمة فى أغلب الأحيان وهق عنف زُرعت بذرته باسم «الحفاظ على العقيدة».
# غدا عدم التسامح الدينى فضيلة من فضائل الدولة، فكانت حدة الإضطهاد المسيحى المسيحى فى مصر أقسى عذاباً وأشد إيلاماً من الإضطهاد الوثنى. وظلت على هذه الحال قرابة القرون الثلاثة من الرابع إلى السابع.
# كان سيف الملك منجلاً أعشى ضرب الزرع الجيد مع الزرع الردئ قبل أن يأتى أوان الحصاد.
# هدم السيف سور المرعى فنَهبت الذئاب من الخراف قطعاناً بأكملها، «صاروا نهباً ولا مُنقذ، وسلباً وليس من يقول رُدَّ !»(أش 22:44)، ولازال النهب نهماً والسلب سارياً.
# توالت الإنقسامات والمنازعات وزلزلت توابعها البيعة المقدسة وضيعت ميراثها «من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات» (تك18:15).
# تبعثرت الكنيسة وجحد الإيمان كثير من الأبناء، «وزاد الذين أكلهم الوَعْرُ من الشعب على الذين أكلهم السيف» (2صم 8:16).
كان الثمن باهظاً والصفقة مكلفة بل ومخربة، ونفذ تأديب الرب : «أجلب طريقهم على رؤوسهم» (حز 10:9).