ياسر أيوب
من حق الفرنسيين أن يحاولوا ويحرصوا على أن تتميز دورتهم الأوليمبية المقبلة فى باريس كأول دورة فى التاريخ يقام حفل افتتاحها فى نهر وسيتابع الجميع الحفل جالسين وواقفين على ضفاف النهر.. لكن ليس من حقهم التباهى بأنهم أول من استخدم الأنهار فى أى نشاط أوليمبى.. فقد سبقهم المصريون إلى ذلك بفكر وقرار رجل رائع اسمه محمد طاهر باشا.
وقد يكون الفارق الوحيد هو أننا لا نهتم بأى نجاحات لنا مهما كانت حقيقية وجميلة صفق لها وأحبها واحترمها العالم.. بينما يجيد الفرنسيون فى المقابل تسويق أفكارهم ونجاحاتهم والإلحاح على تذكير العالم بها حتى لا يتجاهلها أو ينساها.. وعلى سبيل المثال وبعد الاتفاق على إقامة حفل افتتاح الدورة الأوليمبية المقبلة فى نهر السين فى قلب باريس.
أعلنت آن هيدالجو عمدة باريس عن اتفاقها مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على السباحة فى نهر السين فى يونيو المقبل مع كثيرين من وزراء ومسؤولين سياسيين ورياضيين وبطلات وأبطال فرنسا.. وستتزامن هذه السباحة الرئاسية مع عدة مناسبات واحتفالات أخرى تأكيدًا على أناقة وإبداع فرنسا التى ستصبح أول دولة تقيم حفل افتتاح أوليمبيًا فى نهر السين.. وإلى هنا تبدو العبارة صحيحة فلم يسبق أن شاهد العالم من قبل حفلًا أوليمبيًّا بين ضفتى نهر.. لكن يخطئ الفرنسيون حين يضيفون لهذه العبارة أن نهر السين سيصبح بفضل الفكر الفرنسى أول نهر أوليمبى فى التاريخ.
فالنيل كان النهر الأوليمبى الأول.. فأثناء الاجتماعات الأوليمبية فى بولندا فى يونيو 1937.. تقرر أن تستضيف مصر الاجتماعات التالية فى مارس 1938 لتكون المرة الثانية فى التاريخ التى تنعقد اجتماعات أوليمبية خارج أوروبا بعد اجتماعات 1932 فى أمريكا.. وكان من المفترض أن تكون مجرد اجتماعات عادية إلا أن الأحداث التى جرت بعد يونيو 1937 منحت اجتماعات مصر قيمة كبرى وأهمية إضافية واستثنائية.
فاليابان أعلنت الحرب على الصين وباتت مهددة بحرمانها من استضافة دورة 1940.. ومات دى كوبرتان، مؤسس اللجنة والدورات الأوليمبية فى العصر الحديث، ولا بد من تكريمه.. وأمور أخرى جعلت العالم ينتظر اجتماعات مصر.. وقرر محمد طاهر باشا استغلال ذلك لتكون اجتماعات استثنائية بالفعل.. وبعد اصطحابه للوفود الأوليمبية لمصافحة الملك فاروق.. سافر بهم بالقطار إلى أسوان لتبدأ من هناك رحلة نيلية أوليمبية.. ومن السبت 12 مارس إلى الجمعة 18 مارس 1938.. توالت الاجتماعات الأوليمبية على سطح الباخرة فيكتوريا وسط النيل.
وكانت المرة الأولى والأخيرة التى تجتمع فيها اللجنة الأوليمبية على سطح باخرة داخل نهر.. واحتفظ الأرشيف الأوليمبى بحكايات ومحاضر تلك الاجتماعات التى كانت الأجمل فى التاريخ الأوليمبى.
نقلا عن المصرى اليوم