القمص اثناسيوس فهمي جورج
العذراء مريم ليست غريبة عن أرض مصر ، فقد أتت اليها وهى تحمل ابنها الطفل الالهى له المجد .   الذي يقبل شفاعتها عنا كل حين ، كما فى قانا الجليل . شفاعتها قوية ومقبولة  ودالتها الان وكل اوان والي دهر الدهور كلها . ناظرة إلينا من المواضع العلوية تشفع وتطلب عند ربها وربنا ورب كل أحد،  كي يتحنن علي جبلته التي صنعتها يداه .

 ظهور امنا العذراء على قباب كنيسة الزيتون كان اعجوبة شهد لها العالم كله " مصريين واجانب "  ، ورصدها وكتب عنها علماء وشهود عيان . هذا وقد اشادت بها هيئات عالمية ومحلية وشعبية ؛ ومحطات تليفزيونية وصحف خارجية ؛ معبرة عن شعوب ولغات وطوائف من الذين رؤها رؤى العيان والبيان . بعد الرصد والبحث والفحص ولجان الاختصاص في كنيستنا المجيدة ، والتي ضمت الآباء العظماء انبا اغريغوريوس أسقف البحث والانبا ابرام مطران الفيوم والانبا صمؤيل أسقف الخدمات العامة والشهيد  كذلك انبا اغابيوس أسقف ديروط وقسقام وصنبو .

لقد صاحب ظهورها المتكرر معجزات شفاء وبركات وعلامات وبراهين لا تقاوم من التعزيات والأفراح  ، مؤكدة  لحقيقة ظهوراتها النورانية ، والتى هى رسالة بركة وتعزية وتثبيت لإيمان اقباط مصر الذين خصهم الكتاب المقدس بنبوات البركة وبمذبح الرب الذى عند تخومها ؛ تلك الكنيسة الرسولية التي كرز لها عمودها الانجيلي مرقس الطاهر والشهيد و بطريركها الاول مبدد الاوثان ؛ وهو الذي وضع هيرارخيتها وقداسها الليتورجي وتقليدها التليد . الذي اثمر عقيدة قويمة واول مدرسة لاهوت في العالم المسيحي ؛ ومهدا للرهبنة النسكية ؛ ومجدا لشهادة الدم والسيرة بالعمل والقول . وتاريخا عريقا للبابوات العظام ؛ وخوارس الشهداء والمعترفين و القديسين والعباد ولباس الصليب .

لذا جاءت هذه الظهورات المريمية التي لوالدة الاله في حي الزيتون  امتدادا لعمل نعمة الله فى كنيسته بالبلد التى استضافته طفلاً رضيعاً لاجئاً اليها من وجه الذين ارادوا ان يقتلوه ؛ حيث سار علي ارضها طولا وعرضا ؛ وبارك شعبها ؛ واسس بها ذخيرة البركة الالهية شجرة متجذرة في تربة الزمان ومنارة استقامة لاتباري في عجب الكرازة واللاهوت والتعليم والنسك والشهادة والثبات ووحدة الإيمان الواحد .

 هذا التجلى المعزى تبرهن بالدليل والمشاهدة والتكرار ؛ وقد صاحبه ايضا اعمال المعجزات والآيات والعجائب . الامر الذي ليس مستغرباً على ام الضابط الكل والده الاله المتسربلة بالشمس والقمر تحت رجلها . الشفيعة الامينة عند ابنها الحبيب مخلصنا ومخلص كل احد .

لقد رآها اناس من مذاهب واديان وجنسيات عديدة ؛ اكدوا بكل يقين رؤية الاعداد الغفيرة لها ، وهم الذين وصفوا ظهوراتها بشهاداتهم الجماعية المصاحبة لاعمال الشفاء الباهرة . مقدمين الشكر والانسحاق للعزة الالهية ، بعد ان عاينوها مرات ومرات متفاوتة بمشاهد متنوعة ولمدد زمنية طويلة ؛ في تجليات متتالية .صارت لشعبنا القبطي بركة وعزاءا وثباتا ؛ وقد اعلن حقيقة ظهورها مجمع كنيستنا المقدس برئاسة البابا القديس كيرلس السادس بطريرك ذاك الزمان . وجاء من بعده البابا العلامة المتنيح انبا شنودة الثالث فبني كاتدرائية جبارة سميت بالظهور ؛ في نفس بقعة التجلي بطومان باي بالزيتون .. واليوم تحتفل امنا البيعة المقدسة بتذكار ظهور امنا الطاهرة العذراء مريم لأكثر من خمسين سنة ، علي  ذكري هذا الحدث المعجزي  المهيب .اننا ياسيدنا الرب لسنا اهلا لهذه البركات لكنك ميزت كنيستنا بغني حضورك في وسط محبي اسمك القدوس ؛ لتكون الكنيسة القبطية  موضع راحتك وقبة شهادتك ؛ كنيسة الفيلوكاليا ومحبة الجمال والنسك والاستشهاد والرهبنة والصلاح ، وهي  الحاملة وديعة الكرازة الرسولية ؛ ومشعل التقديس الي يوم ظهورك الاتي من السموات . المجد لك ياسيدنا وملكنا المسيح مع ابيك الصالح وروحك القدوس الآن وكل اوان والي الدهور كلها امين .