أعلن المتحدث باسم "الكرملين" ديمترى بيسكوف، أن روسيا لديها أمور مهمة لمناقشتها مع زعماء حركة طالبان الأفغانية وأنها تعمل على رفع اسم الحركة من قائمة المنظمات الإرهابية.

وتأتي هذه التصريحات بعد تعرض روسيا الشهر الماضي، لأكبر هجوم دموي منذ 20 عاما عندما اقتحم مسلحون قاعة للحفلات الموسيقية خارج موسكو، ما أسفر عن مقتل 144 شخصا على الأقل.

وأعلن تنظيم "داعش خراسان" الذي ينشط في الأراضي الأفغانية مسؤوليته عن الهجوم، وقال مسؤولون أمريكيون إن لديهم معلومات تفيد بأن تنظيم "داعش خراسان " هو المسؤول عن العملية.

موسكو: بحاجة إلى حل القضايا الملحة مع طالبان
وعن علاقة روسيا بحكومة طالبان، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين "هذا بلد مجاور لنا ونتواصل معه بطريقة أو أخرى".

وأضاف "نحن بحاجة إلى حل القضايا الملحة، وهذا يتطلب أيضا حوارا، لذلك في هذا الصدد نتواصل معهم مثل أي شخص آخر عمليا، إنهم السلطة الفعلية في أفغانستان"، ولم يوضح بيسكوف ماهية "القضايا الملحة".

وعن طبيعة القضايا الملحة التي يمكن مناقشتها بين الجانبين، أوضح خبراء في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" أن التعاون بين روسيا وطالبان في مواجهة "داعش خراسان"، قد يكون على رأس هذه القضايا.

مصالح مشتركة
يقول الكاتب والباحث الأفغاني، فضل القاهر قاضي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن روسيا تعرضت لأكبر هجوم دموي منذ عشرين عاما، عندما اقتحم مسلحون قاعة للحفلات الموسيقية خارج موسكو، وهو الأمر الذي يجعلها مهتمة بالتعاون مع حركة طالبان التي تقود الحكومة الفعلية في أفغانستان، ويضيف:

    روسيا تسعى أيضًا إلى أن يجمعها تعاون وثيق مع طالبان لمحاربة تنظيم "داعش خراسان" الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم الدامي الذي تعرضت له موسكو مؤخرا، وهذا التعاون قد يسفر بالفعل عن كبح هذا التنظيم والجماعات المسلحة الأخرى.

    روسيا بالتأكيد أصبح لديها قلق كبير من تهديدات تنظيم "داعش خراسان" والتي تزايدت بعد سيطرة حركة طالبان على السطة، وليست روسيا وحدها هي التي تتخوف من نشاط التنظيم، لكن نجد أيضًا أن إيران كذلك لديها نفس المخاوف، ولذلك فهي بدأت تتقرب أكثر من حكومة طالبان.

    ليس من المستبعد أبدا أن يكون هناك حوار جاد بين الحكومة الروسية وحكومة طالبان ومزيد من التقارب، وهو ماقد يدفع الحكومة الروسية إلى رفع حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، وهذه التحركات الروسية الهدف منها تعزيز التعاون لكبح جماح تنظيم داعش، وهو ماقد ينعكس بشكل إيجابي على الطرفين.

    هناك مصلحة مشتركة للجانبين حال التعاون في هذا الأمر، خاصة وأن روسيا تعاني بعد الهجوم الأخير الذي تعرضت له موسكو، وايضًا طالبان تعاني منذ وصولها للحكم بسبب هجمات "داعش خراسان"، وعدم نجاحها في كبح جماح التنظيم الذي أحرجها أكثر من مرة داخليا وخارجيا.

ورقة ضغط
يتفق الباحث الأفغاني في شؤون الجماعات المسلحة حسين احساني مع الباحث فضل القاهر قاضي، حيث يرى أن هناك مصالح مشتركة للجانبين في هذا التقارب من أهمها:

    المساعدة التي تقدمها روسيا لحكومة طالبان في مواجهة الجماعات المسلحة والإرهاب، خاصة "داعش خراسان" وهو الأمر الذي قد يقلل من تهديدات التنظيم لروسيا ولحركة طالبان أيضًا.

    المنفعة التي تحققها حركة طالبان من إقدام روسيا على حذف أو رفع حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، باعتبار أن روسيا حكومة فاعلة في الإقليم والمجتمع الدولي، وهو الأمر الذي قد يساعد طالبان باتخاذ خطوة في اعتراف المجتمع الدولي بشرعية حكومتها.

    في حال تحقيق هذا التفاهم والتقارب بين الجانبين، فإن روسيا ستسفيد من تحويل حركة طالبان إلى ورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، وهي بذلك ترسل رسالة إلى واشنطن بأن حكومة طالبان ستكون ورق رابحة لتحقيق المصالح الروسية في المنطقة.

تعزيز النفوذ
وتقول الباحثة الأمريكية في العلاقات الدولية إيرينا تسوكرمان، إن اهتمام روسيا بالتطبيع مع طالبان سبق بفترة طويلة الهجوم الأخير الذي أعلنه تنظيم داعش-خراسان في موسكو.

وتضيف في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن روسيا دعمت حركة طالبان ضد الغرب أثناء عودتها الأخيرة إلى السلطة، وترددت شائعات عن أنها تساهم بالأسلحة والتدريب، وليس فقط بالدعم السياسي.

وتشير المتحدثة، إلى أن روسيا تعاملت مع طالبان بشأن صفقات الطاقة، وكانت تتطلع باهتمام إلى إمداداتها من الأحجار الكريمة، بالرغم من أن بعض مؤسسي حركة طالبان كانوا معادين لسلف موسكو الشيوعي السوفييتي، فإن المخاوف العملية أرغمت قيادتها الحالية على الدخول في تحالفات غريبة حتى مع دول لم يكن من الممكن تصورها في السابق كشركاء.

ووفق الباحثة الأمريكية، فإن "روسيا كانت واحدة من العوامل الرئيسية التي تمكن الجماعات الإرهابية المتنوعة والأيديولوجيات المتطرفة، ويظهر رد فعلها الضعيف بشكل عام على داعش، أنه ليس لديها مصلحة حقيقية في معركة طويلة الأمد لمكافحة الإرهاب سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلاء إقليميين، بل إنها تسعى بدلاً من ذلك إلى استعادة الشرعية الدولية من خلال النظر إليها باعتبارها ضحية للإرهاب".

وتعتبر تسوكر مان، أن جلب طالبان إلى الحظيرة الروسية يتعلق بتوسيع موسكو لمصالحها وتحالفاتها وتعزيز نفوذها وشرعيتها الدولية، وإيجاد سبل للتحايل على العقوبات، وتعزيز قبضتها السياسية والعسكرية ضد الغرب، أكثر ما يتعلق بأي مخاوف مشروعة في مجال مكافحة الإرهاب.

وعن احتمالية تغير وجهة النظر الروسية تجاه "داعش خراسان"، ترى الباحثة الأمريكية أن هذا الأمر مستبعد، خاصة بعدما تجاهلت موسكو المعلومات الاستخبارية الواردة من إيران والولايات المتحدة قبل تنفيذ الهجوم.