مقال بقلم : سليفانا  ميخائيل 
مرشد معتمد واستشاريه علاقات أسريه
 
الهدف من الصوم هو التدريب على الترك والتخلي.. حتى نستطيع أن نتخلى عن ما يؤلمنا ونتمكن  من التغير الي صورة افضل واسعد وانقى. "عندما تتخلى .. سوف تتحلى .. ومن ثم تتجلى.."
 
ومقصود بالترك هو التخلى عن التعلق بشيء أو شخص أو عادة أو مكان او شعورٍ ما؛ التعلق هو الاعتقاد أن هذا الشيء او الشخص هو وحده فقط قادر على مساعدتك لتحقيق ما تتمنى، أو اسعادك أو دعمك. وهذا اعتقاد خاطئ، لأنك لا ترى الحقيقة في وجود العديد من الفرص والإمكانيات والمصادر المتاحة والمتوفرة في الحياة. 
 
عندما تكون رغباتك وخيالك متعارضين فإن خيالك يكسب دون خلاف» ما معنى هذا الكلام؟" هذا هو قانون الجهد العكسي الذي طرحه الدكتور جوزيف ميرفي في كتابه «قوة العقل باطن». وتطبيقا لهذا القانون انه جميعنا نملك الرغبة للنجاح، ولكن لا ننجح.. لماذا؟ لأن صورة الفشل مسيطرة على خيالنا. فنحن نعلق خيالنا بالفشل الذي نخاف منه، ونفقد القدرة على التركيز على الطريق للنجاح بشكل غير واعي. 
 
هناك قاعدة تقول: «لا تحاول أن تجبر العقل الباطن على قبول فكرة بممارسة قوة الإرادة، فسوف تحصل على عكس ما كنت تريد».  كما قال العالم الكبير كارل يونج "كل ما تقاومه يستمر"
“Whatever you resist persists.” Carl Jung 
 
لكي تحقق نجاحاً في مجال ما لابد أن تتوافق رغباتك مع أحلامك، لكي يعمل عقلك بكفاءة تحتاج الى مزيد من الاسترخاء والبعد عن العصبية  والضغط على العقل. فعليك ان تتخيل ما تريده بلا خوف، درب عقلك الباطن أو اللاواعي دوماً على النجاح واجعله يعمل معك لا ضدك. وبهذا تستطيع أن تحقق المعجزات في عالم يعترف بالمفروضات.
 
اي انه كلما تعلقت بشيء كلما صعب عليك الحصول عليه هذا يشكل حاجز يقلل من الشعور بالسعادة والحب والفرح والنجاح والصحة والتنوير. 
 
ولكي تتخلى عن التعلق وتتدرب على الترك والتخلي تحتاج الى اتباع "مبدأ التسليم"؛ التسليم لما هو موجود، التسليم للواقع والتعامل معه، التَسليم لما اراد به الله ان يكون موجوداً، التَسليم لكُنّ فَيَكُون،  التسليم لمشيئة الله، التسليم بالرزق والمكتوب، التسليم لما فقدته انه فُقد، التسليم ان ما حدث قد حدث. ومن هنا تبدأ رحلة التخلى عن المشاعر المؤلمة المصاحبة لكل واقع حدث بالفعل، والبدء في التركيز فقط على ما تريده، كما تريد تحقيقه، والتخطيط له وتنفيذ ما تخطط له. 
 
مبدأ التسليم له كل الاثر الإيجابي والمفيد لجميع أبعاد الحياة البشرية: الصحة البدنية، والإبداع، والنجاح المالي، والشفاء العاطفي، والوفاء المهني، والعلاقات، والجنس والنمو الروحي.
 
التحرر من الاستياء والألم والفقد والرفض يمكن أن يتبع قرار "التخلي" وباتباع "مبدأ التسليم". انه من المفيد لنا أن نواجه مشاعرنا ونتعامل معها ونحررها، وفي نفس الوقت نواجه التحديات التي تظهر في رحلة الحياة لكي نستمر في النمو وتحقيق ما نتمنى.
 
 "التخلي هو أحد أكثر الأدوات فعالية للوصول إلى الأهداف الروحية." دكتور ديفيد هوكينز. 
 
أن التخلى والتسليم يشكلان نمط فكري يساعد على  التخلص من الأعباء العاطفية، والحفاظ على السلام الداخلي، واحتضان حياة مليئة بالإنجاز، ويساعد على التحرر من القيود وإطلاق العنان لإمكاناتك الحقيقية، وخلق نسخة افضل من نفسك تتميز بالصلابة والمرونة النفسية، شخصية قادرة على النمو والتحقق.
 
وإليك بعض الأفكار العملية لمساعدتك على التدريب على التخلى والترك من خلال مبدأ التسليم:
* تخلى عن رفض الأفكار ومحاربة المشاعر الغير مريحة .. اقبل مشاعرك وتعامل معها .. قم بإدارة افكارك من خلال تغيير المعتقدات الغير ممكنة.
* التخلى عن الشعور بالاحتياج مثل الاحتياج للسيطرة.. الاحتياج للحرية.. الاحتياج للأمن .. الاحتياج العاطفي .. الاحتياج المادي  .. وغيرها من مشاعر الاحتياج المؤلمة
الشعور بالاحتياج يضعف النفس ويكسرها، تخلى عن الشعور بالاحتياج بالتركيز على مصادر الاشباع للاحتياجات بدلا من السقوط في معاناة الاحتياج
* التخلى عن انتظار النتائج .. فقط اسعى ولا تحاسب نفسك على النتائج.. لأنها بيد الله .
* التخلى عن معتقدات مقيدة وغير مفيدة لك.. تجدد وتغير وتعلم مهارات جديدة ممكنة تساعدك على النمو..
 
 من أجل حياة أفضل وأكثر سعادة، مارس التخلى والترك وتحلى بمبدأ التسليم، وسيساعدك هذا النمط الفكري على التخلص من صدمات الماضي، والمعتقدات السلبية، والقيود المفروضة على الذات.
 
هذا النمط الفكري المرن سيساعدك على النمو الشخصي، وتستمتع بإحساس جديد وتشعر بالحرية والفرح والأصالة،  ولكي تتعافي من الإدمان لاي شيء لا ترغبه او عادة غير مفيدة، ويساعدك على تعزيز علاقاتك الشخصية والتفكير الإيجابي وتتمكن من تحقيق النجاح في حياتك المهنية والعملية.
حينها ستكتشف ان التخلي عن الأمر أسهل من فعله؛ وتستطيع تحرير نفسك من عبء التمسك بما يؤذيك، لكي تتحرر من تلك العلاقة السيئة التي تطاردك، أو تتحرر من الصورة الذهنية التي كانت لديك عن حياتك أو عن نفسك والتي تبدو مختلفة عن الواقع، أو تتحرر من التوقعات المجتمعية، أو تتحرر من طفولة مؤلمة يصعب تذكرها.  بشكل عام، مع التخلى والتسليم هناك تحرر من الاستياء والألم الذي يأتي مع التعلق.
 
تغيّروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، لتختبروا إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة (رومية ٢:١٢)
 
تخلى عن الخوف من الفشل .. الخوف عائق في طريق النجاح .. سوف تجتذب ما تخاف منه .. انظر الي هدفك وركز فكرك وعقلك عليه بكل حب وأمل وثقة بنفسك وثقة في خالق الكون.. بكل تسليم .. لا تخف لان الله معك.
 
تخلى عن التركيز على كلام الآخرين وارائهم وأحكامهم وانتقاداتهم.. اي كلام يكسرك لا يخصك بل يخص صاحبه.. انه فقط رأيه او تجربته.. انت لك تكليفاتك وخبرات وبصمتك الخاصة.. 
 
الحياة رحلة تعلم وتذكي للنفس فيها نجاحات وانجازات وفيها فشل ودروس مستفادة.. كل متعة هي وهم .. ولا يوجد اي رغبه قادرة ان تشبعك. فلا تجري خلف المتعة أو الرغبة فلن تصل لانه وهم ولم تشبع من الرغبة.
 
مقياس النجاح هو السعادة .. وطاقة السعادة تأتي من الرضا والقبول الكامل .. فإن قوة التخلى تفوق قوة التمسك.
 
" تخلى .. تحلى .. تتجلى"
وتذكر الحكمة الأولى التي تقول "لا تهتم بصغائر الأمور."، اما الحكمة الثانية فتقول " ان كل أمور الدنيا صغائر. ".. ركز في الحكمتين..
 
دمتم في احسن حال .. سعداء دائما عاقدين النية الصافية لنفع انفسنا ومجتمعنا .. نيتنا أن نخرج للكون كل شيء جميل .. والى اللقاء في حلقة جديدة من "سلسلة الوعي الذاتي".