حمدى رزق

توقفت مباراة (ليفربول x شيفيلد يونايتد)، عند الدقيقة (25) ليجرح ( يكسر) اللاعبون المسلمون صيامهم، أقرب لـ«كولينج بريك» kulinj brik، وتترجم حرفيًّا «استراحة تبريد».

 

تواجد على أرضية ملعب آنفيلد (ملعب ليفربول) ثلاثة لاعبين مسلمين (محمد صلاح وإبراهيما كوناتى لاعبا ليفربول) فضلًا عن (أنيل أحمدودزيتش لاعب شيفيلد).

 

رابطة اللاعبين المحترفين (Professional Footballers Association) ‏ قبل ثلاثة أعوام قررت طقس (جرح الصيام) مع تزايد أعداد اللاعبين المسلمين فى الملاعب الإنجليزية، وشددت على الحكام بالسماح للاعبين بدقائق لتناول المياه والمشروبات الغازية والمكملات الغذائية وقت الإفطار.

 

طقس جرح (كسر) الصيام مطبق أيضًا فى الدرجات الأدنى فى مسابقات كرة القدم الإنجليزية، نموذج للرقى والتحضر، ومثال لاحترام الديانات، الاحترام يُكتسب ولا يورَّث.

 

فى أوروبا والدول المتقدمة يعنون بالتفاصيل الصغيرة ذات المحتوى الإنسانى، الرقى عنوان، لم يخرج عليهم شيخ يحرم اللعب فى رمضان أصلًا، ولم يستفت أحدهم شيخًا فى إجازة الإفطار على الخط فى الملعب، ولا حظرت الرابطة السجود على العشب شكرًا وحمدًا للسماء.

 

وحتى لا يظن البعض بنا الظنون، جد لا تنقصنا العناوين الأخلاقية، ولكنها مطمورة تحت ركام زيف التعصب والعنصرية البغيضة التى يستبطنها نفر من المتنطعين باسم الدين، المتحدثين باسم السماء، حاملين «مفتاح الجنة» على طريقة (الحشاش حسن الصباح) فى مسلسل «الحشاشين».

 

للأسف بين ظهرانينا من يستعلون على الخلائق بدياناتهم، وتأديتهم فروضهم، تجد أحدهم يصعِّر خَدَّه للناس، ويمشى فى الطرقات فرحًا مختالًا بالزبيبة فخورًا باللحية، يدهس الناس بقسوة اللفظ والفعل دون ذرة إحساس.

 

إنهم يحكّون أنوفا بطقوسهم الشكلانية المغشوشة. إزاء حالة تدين شكلانى مرضى، يمسك بالميكروفون يزعق فينا، كما برز الثعلب يومًا / فى شعار الواعظينا/ فمشى فى الأرض يهذى/ ويسب الماكرينا (من قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقى).

 

وكأنها (الأرض) خلت لهم، والسماء، واحتكروا الجنة وقذفوا بنا فى النار على سبيل التحوط، مثل هؤلاء الشكلانيين يحمِّلون بضاعة على الدين السمح، كالبضاعة الفاسدة، تزكم رائحتها الأنوف.

 

أفلا تتدبرون، الاتحاد الإنجليزى يضرب مثلًا فى احترام تعدد الديانات، وحرى بنا استبطان هذا المثال، وندرب أنفسنا على احترام خصوصية الآخر، وديانته، وطقوسه، والمبادرة بالأمثلة الطيبة، والحمد لله كثيرة فى وطننا الطيب.

 

وإن تعدوا صور المحبة فى المحروسة لا تحصوها.

 

المحبة تفيض على الضفاف الطيبة، منسوب المحبة، والحمد لله، مرتفع بين الأحباب، وكلُّ يهنئ وكلُّ يبارك، غار ماء الكراهية بعيدًا، ونضب مصرف الغلو والتشدد، واختفى من المشهد المصرى وجوه دعاة الكراهية.

 

وصلنا والحمد لله إلى «مربع المحبة» بعد جهد جهيد وإخلاص المخلصين المستنيرين لرسالتهم، وعلى رأسهم قيادة سياسية لا تفرق ولا تميز وتتحدث بحرية المعتقد فى انتصار راقٍ لمفهوم المواطنة الحقة، وتسيد شعار «الدين لله والوطن للجميع»، وتستحث الخطى لتهنئة إخواننا فى «عيد الميلاد المجيد» فى صورة راقية فى بلد الرقى والحضارة.

 

يمكن البناء على ما تقدم وطنيًّا، ونشيد بناء بمزيج المحبة والرحمة، إكسير حياة المصريين، ولا يفرق بيننا بعدها كاره أو ناقم أو ممسوس بكراهية بغيضة كالتى كانوا يسوِّدون بها وجه المحروسة.

نقلا عن المصرى اليوم