سعاد طنطاوى
يعد «القمح» عنصرا غذائيا مهما للمصريين، ويشكل أدق جزء من نظامهم الغذائى اليومى فى أشكال متنوعة، أهمها رغيف العيش، ويغطى إنتاج مصر من حبوب القمح نحو 50% من إجمالى الاحتياجات، لذا عكف الباحثون على إيجاد مصادر أخرى لإنتاج دقيق خال من الجلوتين يصلح للخلط بنسب كبيرة مع دقيق القمح، ووجدوا ضالتهم فى «الكسافا» لصناعة الخبز البلدى، مما يساعد على سد الفجوة الغذائية من دقيق القمح، وبالتالى تقليل استيراده وتوفير العملة الصعبة وتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح.
الدكتورة هالة أحمد عبد العال أستاذة فسيولوجيا إنتاج الخضر ـ قسم التنمية المتواصلة للبيئة وإدارة مشروعاتها ـ معهد الدراسات والبحوث البيئية ومديرة مركز دعم وتسويق الاختراعات والابتكارات بجامعة مدينة السادات توضح لـ«الأهرام» ـ فى هذا التقرير ـ أنه تم إجراء دراسة على درنات محصول الكسافا للباحثة سارة سامى الحاصلة على الماجستير بعنوان «استخدام دقيق القمح ـ الكسافا المركب فى تحضير الخبز البلدى المصري» وتم تنفيذ التجربة بمزرعة الجامعة بمعهد الدراسات البيئية تحت إشرافها بالتعاون مع المركز القومى للبحوث قسم الصناعات الغذائية تحت إشراف الدكتور عبد العزيز ندير شحاتة أستاذ الصناعات الغذائية بالمركز، ونجحت فى إثبات أن الدقيق المستخلص من الجذور المتدرنة لمحصول الكسافا مناسب كبديل بنسب كبيرة للخلط مع دقيق القمح لأنه غنى بالكربوهيدرات ومفيد لمرضى السكر والاضطرابات الهضمية والسمنة، وتقل به نسبة الأحماض الأمينية الأساسية، منها اللايسين وبروتين الجلوتين والتى تزيد فى القمح .
ووفقا للدكتورة هالة تم استخدام الدقيق الناتج من طحن جذور الكسافا المتدرنة بنجاح فى صناعة الخبز البلدى وبعض المخبوزات، وذلك بخلطه بنسبة 30 ـ 40 % مع دقيق القمح لعمل الخبز وبعض المنتجات.
و«الكسافا» ـ بحسب الباحثة سارة سامى محصول غير تقليدى واعد يلعب دورا من منظور التنمية المستدامة فى مصر فى ظل التغييرات المناخية الحالية، فهو يحتاج أسمدة أقل جدًّا من المحاصيل الغذائية الإستراتيجية مما يقلل الانبعاث الحرارى، واحتياجاته المائية محدودة ايضا ويتحمل الجفاف ويمكن زراعته على الأمطار مما يجعل بصمته الكربونية منخفضة فيقل الاحتباس الحرارى مشيرة إلى أنه لا يحتاج إلى أراض خصبة، وبالتالى فهو لا ينافس القمح كمحصول غذائى استراتيجى، ويمكن زراعته فى الأراضى المهمشة فى مدى واسع من درجات الحرارة ٨ - ٣٨ درجة مئوية، كما يقاوم الملوحة العالية بالتربة ومياه الري.
وتؤكد الباحثة ان زراعته نجحت بشمال سيناء ونويبع وأعطت إنتاجا فاق المعدلات العالمية، فهو نبات شجيرى معمر وتستخدم درناته الجذرية وكذلك سيقانه واوراقه فى تغذية الإنسان والحيوان، وهو واسع الانتشار
ويعد من أهم ١٢ محصولا فى بلدان إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، منها المكسيك والبرازيل ونيجيريا واندونيسيا.
وأردفت سارة أنه يستخدم كمادة خام فى صناعات النسيج والكحول والورق والمواد اللاصقة والاعلاف الحيوانية، وتلعب الفيتات التى بداخله دورا مهما كمضادات للأكسدة لحماية الإنسان من أمراض القلب والسرطان ويعد من اغذية الطاقة المهمة فى البلدان النامية، وتستخدمه بدلا من البطاطس لنكهته المقبولة.
يبلغ الإنتاج العالمى من الكسافا نحو 110-120 مليون طن تنتج إفريقيا منها 42%، وأمريكا الجنوبية 30% وآسيا 28% ونحو 90% من هذا الإنتاج يستهلك محليا فى البلاد المنتجة.
وتلتقط الخيط ثانية د. هالة عبد العال مؤكدة المزايا النسبية التى تتمتع بها الكسافا من النواحى الزراعية والتغذوية والتجارية والاقتصادية، وكمصدر للطاقة تتطلب الاهتمام بزراعتها فى مصر كمحصول تجارى فى الأراضى المهمشة فى ضوء محدودية المساحات المزروعة وكميات المياه المتاحة، خاصة أن زراعته لن تكون على حساب الرقعة الزراعية أو المياه المخصصة للزراعات الرئيسية فى الوادى، وبعدما أثبتت الدراسات ارتفاع إنتاجية الفدان إلى 15– 20 طنا من الجذور.
وتضيف أنه لأهمية هذا المحصول تم التواصل مع أحد مصانع الأغذية بمدينة السادات لاستخدام دقيق الكسافا مع دقيق القمح لإنتاج الخبز اللبنانى الذى تقوم الشركة بإنتاجه فى مصانعها، وكانت النتيجة باهرة، ومن هنا تكون التوصية بزراعة الكسافا ضمن محاصيل الدورة الزراعية بمصر للاستفادة بالجذور فى إنتاج الدقيق الخالى من الجلوتين والنشا لتقليل الفجوة بين إنتاج واستهلاك القمح فى مصر لتقليص فاتورة استيراد القمح.
نقلا عن الأهرام