حمدي رزق
قل للشهيد سلام، وحدك الحى وجميعنا يا سيدى أموات.. وذكِّر، فإن الذكرى تنفع المؤمنين المؤتمنين على سلامة وطن يستحق عظيم التضحيات.
وخلال حفل إفطار الأسرة المصرية العامر بالمحبة، وجّه الرئيس السيسى التحية لأمهات الشهداء: «أوجه كل تقدير وامتنان لكل أم مصرية وزوجة وابنة قدمت الأب والأخ والابن والزوج والابن شهيدًا كى تهب لنا الأمان والوطن».
ويُذكرنا بما نسينا «ملقتش سيدة مصرية، زوجة كانت أو أمًّا، جاءت وقالتلى كلمة تؤلمنى عن سقوط ابنها شهيد أو مصاب، والصلابة جاية من هنا».
لو علمتم تضحيات العظيمات لقبلتم الأرض من تحت أقدامهن، ولو تحدثت أمهات الشهداء لقالت ما يغبط النفس ويفرح القلب، العظيمات فى بلادى (المحروسة بحول ربها) يستقبلن الشهداء على قارعة الطريق بالزغاريد.
زغرودة أم الشهيد فى جنازته أحلى من الشهد المكرر، وترتدى (مصر) أم الشهيد جلبابًا أبيض، وكأنه يوم الزفاف، وتصرخ فى الخلائق: (أنا أم البطل...).
ومدد مدد ماادد شدى حيلك يا بلد، تحس أن طيب الذكر، الفنان العظيم «محمد نوح»- يرحمه الله- ما صادف نجاحًا فى مشواره إلا فى هذه الأنشودة، التى صارت أيقونة حارتنا وكل الحارات المصرية، كل الحارات خرج منها بطل وعاد شهيدًا، كل الحارات معلق على قمتها صورة شهيد.
لا ينساهم الضمير الوطنى أبدًا، فى عقل وقلب الرئيس، لا يعرف الفضل لأهل الفضل، التفاتة السيسى نحو العظيمات (أمهات الشهداء وزوجاتهم وبناتهم) عطفة تستحق التقدير والاحترام، سجل شهداء مصر العظام جدير بالتقدير، مصر محروسة بأرواحهم، وتضحياتهم، الشهادة تجلب الحياة.
زغرودة أم الشهيد لا تزال ترن فى أذنى، زغرودة لو وصفتها ما كفتها لغة وصف، ولو لم أسمعها منها ما عرفت معنى زغرودة أم الشهيد يوم خرجته عريسًا صاعدًا إلى السماء.
فى ديارنا أم الشهيد هى أم البطل، ترتدى الأبيض وتمشى كالعروس وراء الجثمان المسجى بدمه، تتفجر منه رائحة المسك، ويزغردن من حول النعش، ويشيعونه مع السلامة: لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله.
مواكب الشهداء التى طافت محافظات مصر جميعًا خلال العقد الأخير تحمل البشرى، تُعيد إلينا ذكريات عبرت، ذكريات العبور العظيم... آيات من عظمة أبائنا الشهداء، إنّا وجدنا آباءنا على شهادة، وإنا على شهادتهم مقتدون.
«اللى خلف مامتش» هكذا يقولون فى أمسيات الريف الطيب، البواسل الذين صنعوا نصر أكتوبر العظيم، منهم مَن قضى نحبه ومنهم مَن ينتظر نصرًا جديدًا، خلفوا أسودًا تخوض ملحمة بطولية على الحدود، على الحدود أسود تزأر فى وجه مخططات الشيطان.
العبور الثانى نحو «الجمهورية الجديدة» ليس معبدًا. مخضب بدماء زكية، ريحها مسك وعنبر، لا تستغرب من رائحة رمال المحروسة مضمخة بدماء الرجال السمر الشداد.
شهيد العبور وهب لمصر شهيدًا على الحدود، روح وريحان على شهداء الحرب المقدسة، شهداء الأرض والعِرض، شهداء يوم الكرامة، شعب من الشهداء، شهيد وراء شهيد.
أنا شعب وفدائى وثورة، ودم يصنع للإنسان فجره، ترتوى أرضى به من كل قطرة.. هكذا كان النشيد فى طابور المدارس، تلهج به ألسنة الصغار، كانوا يرضعون لبن الوطنية على أسنانهم اللبنية، شَبُّوا أسودًا، وبرزوا أسودًا، وطلبوا من السماء نصرًا أو شهادة، ونالوا نصرًا وشهادة.
نقلا عن المصرى اليوم