أيمن زكى
في مثل هذا اليوم تنيح الصديق البار هارون رئيس الكهنة أخو القديس موسى رئيس الانبياء و هو بن عمرام ويوكابد. وعمرام حفيد لاوي ويوكابد زوجته. وهو بكر عمرام وأكبر من أخيه موسى بثلاث سنوات (خر 6: 14- 37 و7: 7). وربما ولد قبل صدور أمر فرعون بقتل كل أطفال العبرانيين الذكور الموجودين في مصر. وكان هارون أصغر من أخته مريم. وتزوج من أليشابع ابنة عمنياداب رئيس بني يهوذا. وولدت له أربعة أبناء: ناداب وأبيهو وألعازار وإيثمار (خر 6: 23 وعد 3: 2).
ولما كان هارون أكبر أخوته وكانت عائلته من بني قهات وهي أكبر قبائل اللاويين اعتبر منذ شبابه قائدًا لجماعته وكاهن بيته وسمي باللاوي، ومع هذه أخباره لا تتوافر لنا طيلة السنوات الثمانين الأولى من عمره. ويبدأ حديث الكتاب عنه لما بلغ الثالثة والثمانين حيثما اعتذر موسى للرب عن عدم إمكانه قيادة شعبه المضطهد في مصر لثقل فمه ولسانه وعيّه. فقد أجاب الرب في حوريب: "أليس هارون اللاوي أخاك؟ أنا أعلم أنه هو يتكلم" (خر 4: 14).
وأرشد الرب هارون أن يذهب إلى البرية ويستقبل موسى. فذهب، ولقيه في جبل الله، وقبله واستمع إلى حديث موسى عن ظهور الرب له. واشترك موسى مع هارون منذ ذلك الحين في العمل على إخراج العبرانيين من مصر والعودة بهم إلى فلسطين، فذهب معه إلى أسباط اليهود وشيوخهم، وتكلم أمامهم بالكلام الذي قاله الرب لأخيه. وجعل الشعب يؤمنون بذلك (خر 4: 27-31). وعمل هارون بإخلاص. وكان يد موسى اليمنى. وكان يحمل عصى موسى أمام الشعب وأمام فرعون، وفي الضربات الثلاث الأولى (خر 4: 30 و7: 2 و9 و19). واشترك هارون في الحرب مع العماليق. وأمسك بيدي موسى، مع حور، في واقعة رفيديم، محققين النصر للعبرانيين (خر 17: 12). وحضر هارون مع ابنيه ناداب وابيهو، وسبعين من شيوخ بني إسرائيل، وموسى الاحتفال الذي جرى بعد ابرام العهد بين الله وبين بني إسرائيل، على جبل سيناء. وكان هؤلاء ممثلين عن بني إسرائيل، وشاهدوا الرب فوق الجبل (خر 24: 1-10).
غير أن هارون أظهر ضعف إيمان في حالات كثيرة، وكان أولها لما تأخر موسى على الجبل مع الرب. فقد ضجّ الشعب، وارتد عن طاعة الله، وطلب هارون أن يصنع له تماثيل آلهة ليعبدها. فصنع هارون عجل الذهب وبنى له مذبحًا (خر ص 32). ومع هذا غفر الله له خطأه، وأمر برسمه، هو، وذريته، كهنة على بني إسرائيل (خر 40: 12-15). وبذلك تأسس الكهنوت اللاوى، وأصبح هارون أول رئيس كهنة. وبعد أن انتهى موسى من إعداد خيمة الشهادة وهيأها لخدمات العبادة، احتفل بتنصيب هارون وأبنائه الأربعة كهنة، وألبسوا اقمصة ومناطق وقلانس وسروايل زاهية خاصة بهم، ومسحوا بالزيت (خر ص 28 و40: 13- 16)
وخدم هارون رئيسًا للكهنة أربعين سنة تقريبًا. ولكنه تعرض خلال هذه المدة لحوادث كثيرة. منها أن الرب أمات ابنيه ناداب وابيهو لأنهما قدما نارًا غريبة، وحذره هو وابنيه الباقين من إظهار حزنهم عليهما (لا 10: 6). وزعم هارون وأخته مريم أن الرب كلمهما منددًا بزواج موسى من امرأة كوشية. وغضب الرب عليهما، ابتلى مريم بالبرص، فطلب هارون رحمة الرب واعترف بخطأه فعفا عنه وعن أخته (عد ص 12). بل إن الرب أنقذه هو وموسى، عن غضب المنشقين عليهما، من بني قورح، وجعل الأرض تنشق وتبلع الناقمين (عد ص 16)
كما أثبت الرب أمام الشعب رضاه عن هارون وحفظ الكهنوت في بيته بأن جعل عصاه تفرخ دون سواها من عصي باقي رؤساء الشعب (عد ص 17). وكان الله كثير الإحسان لهارون بالرغم من أخطائه. وكانت أخر أخطائه أنه لم يقدس الرب أمام بني إسرائيل، لا هو ولا موسى، في أواخر رحلة بني إسرائيل إلى فلسطين وحينما شعر الشعب بالظمأ أمام قادش، فأمر الله بعقابهما، بمنعهما من دخول فلسطين، أي بموتهما قبل الوصول إليها (عد 20: 1-13).
وغادر بنو إسرائيل قادش وأتوا إلى جبل هور. فأمر الرب موسى أن يأخذ هارون وابنه العازر، ويصعد بهما إلى الجبل وهناك يخلع ثياب هارون الكهنوتية ويلبسها لأبنه. ولمل نفذ هارون ذلك مات هارون، وانضم إلى آبائه وبكاه قومه ثلاثين يومًا (عد 20: 22-29 و33: 37- 39 وتث 10: 6). وكان عمره عند وفاته مئة وثلاثة وعشرين سنة. ولا يزال أثر المكان الذي مات فيه محفوظًا إلى اليوم على إحدى قمتي جبل هور بالقرب من بترا.
بركه صلاته تكون معنا كلنا امين...
ولالهنا المجد دائما ابديا امين...