د. أمير فهمي زخارى 

حيلة انتقامية جعلت صاحبها مثلاً.. 
تعالوا معى نتعرّف على القصة من أولها...
 
تعود قصة المثل "عاد بخفي حنين" إلى رجل كان يُدعى حُنين كان يعمل إسكافياً صانعاً للأحذية في مدينة الحيرة بالعراق، وكان مشهوراً بصناعته وإتقانه وخبرته بها، وفي يوم من الأيام مرّ أمام دكانه أعرابي يركب على بعير، فأناخ بعيره بجوار الدكان، ودخل إلى حُنينٍ يسأله وينظر للأحذية التي يصنعها، ويدقق فيها وقد أعجبه أحد هذه الأحذية فسأل عن السعر.
 
وبدأ الأعرابي بالجدال والمساومة حول السعر كأنه يريد أن يشتريه، وبعد طول جدال أخذ الكثير من وقت حُنين اتفق معه على سعر، وإذا بالأعرابي يترك الدكان ولم يأخذ الحذاء ولم يشترِه ولم يُعِر حُنيناً أي اهتمام، فستشاط حُنين غضباً من هذا التصرف؛ لأن هذا الأعرابي أخذ منه الكثير من الوقت وعطّله عن عمله وعن زبائنه الذي رأوه منشغلاً به عنهم، فانصرفوا عنه، فخسر زبائن ولم يبع شيئاً.
 
لذلك قرر حُنين أن ينتقم من الأعرابي، وأن يفرّغ غضبه بطريقة انتقاميّة فراح يلحق بذلك الأعرابي سالكاً طريقاً جانبياً أسرع من الطريق الذي سلكه الأعرابي فأصبح أمامه بمسافةٍ وأخذ الخُفين، ووضع أحدهما على الطريق، ووضع الحذاء الآخر على بعد مسافة كافية منه، واختبأ في مكانٍ يراقب منه الأعرابي، وعندما وصل الأعرابي ووجد الحذاء قال ما أشبهه بخفي حُنين، لكن هذا حذاء واحد فلو كان الثاني معه لأخذته، فتركه وسار في طريقه.
وبعد مسافةٍ وجد الحذاء الثاني،
 
وقال: كأنه هذا وذاك خفي حُنين فأخذ الثانية ورجع للأولى كي يلتقطها وترك دابته مكان الحذاء الثاني، وهنا كان حُنين يتربّص به فأخذ دابة الأعرابي وهرب بها، وعندما عاد الأعرابي لمكان الدابة لم يجدها، فعاد إلى أهله فارغ اليدين، وقد كان عائداً من السفر محملاً بالأغراض والهدايا، فاستغرب أهل الحي عودته راجلاً، وحين سألوه قال الأعرابي: عدت بخفي حنين، فذهب قوله مثلاً.
وأصبح مثلاً يضرب عند اليأس من الحاجة والرجوع بالخيبة.