د. وسيم السيسي
كانت مصر أقوى بلاد الشرق الأدنى حتى نهاية الأسرة الثانية عشرة ١٧٧٨ ق. م، وفى بداية الأسرة ١٣ بدأ نفوذ مصر يضعف على بيبلوس وأوجاريت، وبدأت قوى مناوئة لمصر تظهر فى بلاد ما بين الرافدين، سوريا، كما ظهر حمورابى ملك بابل، كما ظهرت قبيلة الكاسيين القوية «الجزء الشرقى من مملكة بابل»، التى قام صراع بينها وبين قبيلة الحوريين، فكانت نتيجة ذلك الهجرات والغزوات إلى شرق الدلتا، وكان هذا بداية ظهور الهكسوس فى مصر.
ملحوظة: هذا ما تريده إسرائيل اليوم بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء. ترك لنا مانيتون كلمات تقول: فى عهد الملك Toutimaion أصابتنا ضربة من الله، جاءنا غزاة من الشرق، تغلبوا على حكام البلاد، هدموا المعابد، ذبحوا الرجال، أخذوا الأطفال والنساء حتى يصبحوا عبيدًا، عينوا ملكًا اسمه ساليتس، أقام فى منف وفرضوا الجزية على البلاد، بنوا حصنًا فى أواريس شرق الدلتا، وتركوا فيه حامية من ٢٤٠ ألف جندى.
أجمع العلماء أن الهكسوس من شعوب متعددة خصوصًا الكاسيين والحوريين، وكلهم من أصل هندو - أوروبى، كما ثبت من الدراسات الحديثة أنهم لم يأتوا بالخيول والعربات، وأنها لم تستخدم إلا بعد نصف قرن من دخولهم مصر «أحمد فخرى ٢٥٦».
حكم الهكسوس ٣ أسر، الأسرة ١٥ ستة ملوك، الأسرة ١٦ اثنان وثلاثون ملكًا، الأسرة ١٧ ثلاثة وأربعون ملكًا.
تقول بردية ساليه إن أبوفيس ملك الهكسوس، أرسل رسولًا إلى سقنن رع فى طيبة «الأقصر» بأن أفراس النهر فى طيبة تزعجه وهو فى الدلتا، كما طالبه بأن يعبد سوتخ بدلًا من آمون رع.
رفض سقنن رع هذه الطلبات المهينة، تحالف مع أمراء طيبة، أما زوجته إياح حوتب «القمر مطمئن» فقد جيشت الجيوش، قامت الحرب، استشهد سقنن رع، تولى من بعده كاموس الذى خذله الوزراء، ولكنه صاح فيهم: سأذهب إلى الشمال وأطرد الغزاة وسوف يهتف الناس: يحيا كاموس. استشهد كاموس بعد حروب مريرة بدأت فى نفروسى «إقليم الآشمونيين»، تولى من بعده أحمس، كانت معه أمه، وزوجته المحاربة أحمس نفرتارى، طاردهم حتى شاروهين «جنوب غزة» حتى قضى عليهم، ثم محاهم من التاريخ تحوتمس الثالث.
عثرنا على لوحة فى معبد الكرنك ١٩٥٤ تقول: نساء أواريس لن تلد بعد الآن من هول المعارك برًا وبحرًا، معركة نيلية مع أبيبى الهكسوسى، انتصرت فيها الجيوش المصرية، استولت على: ٣٠٠ سفينة من خشب الأَرز، كميات هائلة من الذهب، الفضة، الفيروز، كميات هائلة من الفؤوس المصنوعة من النحاس، كميات هائلة من زيت الزيتون، العسل، الدهن، البخور.
كان قانون الحرب فى مصر القديمة، أن الملك إذا أعلن الحرب عليه أن يكون فى مقدمة الصفوف، لذا نجد سقنن رع، كاموس، أحمس، تحوتمس الثالث، رمسيس الثانى، كانوا فى مقدمة الصفوف، كما كان القانون يحتم على الجنود حمل أبناء الأسرى عند العودة، وكان الجنود يشتكون من ذلك العناء «قارن هذا مع الحادث فى غزة الآن».
حسنًا فعل مانيتون المؤرخ المصرى السمنودى المولد الذى كتب تاريخ مصر «إجبتياكا» حين وضع أحمس كأول ملك للأسرة الثامنة عشرة، بدأت بملك عظيم حرر مصر من الآسيويين، وانتهت بملك عظيم حور محب، لا يذكر اسمه إلا وتقول أول من وضع قانونًا لحقوق الإنسان، وما بينهما تحوتمس الثالث مؤسس أول إمبراطورية على الأرض، وملكة عظيمة هى حتشبسوت.
عرَّفوا الإنسان أنه كائن حى ذو تاريخ يتعلم من إنجازاته، ويتجنب انتكاساته، كان الهكسوس غزوًا سلميًا، تركناهم حتى أصبحوا دولة داخل الدولة، وما أشبه اليوم بالبارحة، أحياء بأكملها لم يعد فيها مصريون!.
لقد بح صوتى: يا قوم: لا للملكية نعم لحق الانتفاع، لمشاريع لا يشترك فيها المصريون بـ٥١٪، والله أغبياء إذا لم نأخذ من التاريخ عبرة ودرسًا.
نقلا عن المصري اليوم