ياسر أيوب
فوجئت يوليكسى رودريجز بابنتها الصغيرة «يوليمار» تحتضنها، وتؤكد لها أنها يومًا ما ستشترى لها بيتًا حقيقيًّا له جدران حقيقية وسقف وباب.. فقد عاشت يوليكسى ترعى ستة أبناء فى كوخ متهالك شديد التواضع فى بوزيلوس بمقاطعة أنثوتيجى شمال فنزويلا.. وكانت «يوليمار» واحدة من هؤلاء الأبناء، وعاشت مع أسرتها قسوة الفقر ومرارة الحرمان.
وأصبحت الرياضة والنجاح فيها رهانًا وحيدًا وأملًا حقيقيًّا لهذه الفتاة الفنزويلية الصغيرة الفقيرة لتغيير حياتها هى وأسرتها.. وحاولت فى البداية أن تلعب الكرة الطائرة، لكن لم تكن فى المدينة فرق للبنات.. وفشلت أيضًا فى ممارسة كرة السلة.. وبعد التحاقها بالمدرسة الرياضية، أقنعها زوج أمها، الذى كان ملاكمًا سابقًا، بممارسة ألعاب القوى.
وفى استاد خوسيه أنطونيو بمدينة بويرتو لا كروز، بدأت «يوليمار» تحب رياضة القفز، وتحلم بالنجاح فيها لتهرب من واقعها الحزين.. ولفتت «يوليمار» الأنظار ونالت إعجاب مدربى القفز الثلاثى، وقال أحدهم إن «يوليمار» جعلته يشعر وهو يراقبها بأنها ليست لاعبة تمارس رياضة تحبها، إنما فتاة فقيرة وعنيدة تريد أن تقفز فوق كل أسوار حياتها لتصنع حياة جديدة.
وبدأت «يوليمار» تتلقى دعوات من الاتحاد الفنزويلى لألعاب القوى للسفر والمشاركة فى بطولات دولية.. وظل زوج أمها يرفض سفرها، حتى سمح لها أخيرًا بالسفر إلى كولومبيا القريبة لتشارك فى بطولة أمريكا اللاتينية للناشئين.. وكانت البطولة الأولى لـ«يوليمار»، التى لا تزال فى الخامسة عشرة من عمرها، ورغم ذلك فازت بالذهب، وأصبحت بطلة أمريكا اللاتينية لناشئات الوثب الثلاثى.
وأهداها الاتحاد الفنزويلى حذاء جديدًا غاليًا مكافأة لها.. وكانت البطولة فى كولومبيا مجرد بداية لبطلة عالمية.. ففازت فى 2014 بذهبية الوثب الثلاثى فى دورة الألعاب اللاتينية.. وفازت فى 2015 و2017 ببطولة أمريكا اللاتينية.. وفازت بالذهب فى أربع بطولات للعالم: 2017 و2019 و2022 و2023.. وبالذهب ثلاث مرات فى بطولة العالم داخل الصالات.. 2016 و2018 و2022.
وبالذهب ثلاث مرات فى الدورى الماسى لألعاب القوى.. 2021 و2022 و2023.. وبعدما فازت بالميدالية الفضية للوثب الثلاثى فى دورة ريو دى جانيرو الأوليمبية 2016.. عادت وفازت بالذهب فى دورة طوكيو الماضية برقم قياسى أوليمبى وعالمى.. وكان الأهم بالنسبة لها وأغلى من كل الميداليات هو تحقيق وعدها القديم لأمها، حيث اشترت لها بيتًا لائقًا.
وأيضًا نجاحها فى القفز فوق الماضى بكل قسوته ومرارته. وبعدما بدأت استعدادها الأخير للمشاركة فى دورة باريس المقبلة.. فوجئ بها العالم الرياضى والأوليمبى تعلن، أمس الأول، أنها أُصيبت بقطع فى وتر أكيليس أثناء أحد تدريباتها العادية، واضطرت إلى إجراء جراحة فى مدريد ستمنعها من السفر إلى باريس.
نقلا عن المصرى اليوم