محرر الأقباط متحدون
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي الأحد الرابع عشر من أبريل في كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي، وقال في عظته "يسعدنا أن نحتفل معًا بهذه الليتورجيا الإلهية، وبها نطلق رسميًا "مكتب راعوية الأشخاص ذوي إعاقة" في الدائرة البطريركية في بكركي. وقد أنشأناه بمرسوم تاريخ ١٤ كانون الأول الماضي". من بين أهداف هذا المكتب دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، وخلق شبكة تواصل فيما بينهم، وتفعيل مواهبهم وجعلهم منتجين.
 
ألقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة بعنوان "فيما كانا سائرين ويتحادثان كئيبين، اقترب يسوع منهما وأخذ يسير معهما" (لو 24: 14-15)، استهلها قائلا "ربّنا يسوع القائم من الموت حي في الكنيسة والمجتمع وبين الناس والشعوب. لقد أصبح بقيامته رفيق الدرب في حياة كل إنسان وجماعة، ولا سيما عندما الواحد يمرّ بصعوبات، ولا يجد معنى لها أو مخرجًا. فيأتي الرب يسوع بكلامه وإيحاءات الروح القدس وبتوجيهات الكنيسة والصلاة، ويسير معه بحوار داخلي مريح. هذا ما جرى مع التلميذين العائدين من أورشليم في مساء أحد قيامة الرب غير المؤكدة، إلى قريتهما عمّاوس على مسافة نحو ثلاثين كيلومترًا من أورشليم. "ففيما كانا سائرين متجادلين كئيبين، اقترب منهما يسوع وأخذ يسير معهما. فكُفَّت أعينهما عن معرفته"(لو 24: 14-16). فيسوع بعد القيامة لن يُعرف بعين الجسد بل بعين الإيمان".
 
وأشار غبطته إلى أنه "بقراءة هذه اللوحة الإنجيلية نجد ذواتنا أمام القداس الأول الذي احتفل به الرب يسوع، الكاهن الأسمى في مساء أحد القيامة، ونجد فيها أقسامه الأربعة. القسم الأول: الوقفة أمام الله. في هذا القسم نقف أمام الله مع كل همومنا ومشاكلنا وتساؤلاتنا وضعفنا وتوبتنا، كما يتضح ذلك في صلاة البدء وصلاة الغفران أي الحسّاي والترانيم، وفقًا للزمن الليترجي. هكذا حصل لتلميذي عمّاوس اللذين كانا عائدين إلى بلدتهما متسائلين وكئيبين وقد تحطّمت آمالهما بصلب يسوع معلّمهما (لو 24: 14-15). القسم الثاني: ليتورجيا الكلمة. مشى معهما يسوع، ولم يعرفاه. استمع لمعاناتهما (لو 24: 19-24)، ثم راح ينوّرهما بالكلام الإلهي، من كتب موسى والأنبياء بشأن المسيح الآتي. فانتعش قلباهما، وتمسّكا به، وأصرّا عليه ليبيت عندهما، بسبب غياب الشمس (لو 24: 25-29). القسم الثالث: ليتورجيا القربان، الذبيحة والمناولة فيما كانوا متّكئين على المائدة، فعل يسوع كما في عشائه الفصحي الأخير، ليل ذاك الخميس: إذ "أخذ خبزًا وبارك وكسر وناولهما. وللحال انفتحت أعينهما وعرفاه، أما هو فارتفع عنهما (لو 24: 30-31). والقسم الرابع: الإنطلاق للشهادة.  إن المسيح، فادي الإنسان ومخلّص العالم، حي وفاعل في الكنيسة والعالم بقوة كلمته والروح القدس، فيعطي حيوية ونشاطًا. هكذا قام التلميذان لساعتهما، وعادا إلى أورشليم ليشهدا للقيامة على الرغم من التعب والظلام وطول المسافة (لو 24: 33-35). هذه الأقسام الأربعة تشكل وحدة مترابطة لا تتفكك. ولذا حضور القداس يقتضي المشاركة فيها كلها".
 
"سر الإفخارستيا الذي يجمع المؤمنين والمؤمنات إلى جسد المسيح الواحد أي الكنيسة، هو سر الوحدة في التعددية"، أضاف البطريرك الراعي. "فكما الخبز المحوّل إلى جسد الرب مؤلّف أساسًا من حبّات قمح جُمعت وطُحنت وعُجنت وخُبزت، فصارت خبزًا واحدًا، هكذا نحن المؤمنين بالمسيح أفراد جمعتهم الكلمة الإلهية والنعمة، نصبح جسد المسيح بتناول جسد الرب ودمه". وتابع غبطته قائلا "إن سر القربان يمنحنا ثقافة الوحدة في التنوع"، وأشار إلى أن "هذه الثقافة هي من صميم النظام اللبناني والكيان الذي وضعه المؤسسون بميثاق وطني سنة 1943.وقد جُدّد في اتفاق الطائف سنة 1989. إنه ثقافة العيش معًا مسيحيين ومسلمين بالمساواة والاحترام المتبادل والمشاركة بالتساوي في الحكم والإدارة. ولكن الإمعان عمدًا في عدم انتخاب رئيس للجمهورية يزعزع الميثاق وثقافة الوحدة في التنوع، لأن رئيس الدولة هو ضابط الوحدة الوطنية بحكم الدستور (المادة 49). بغيابه تتفكك العائلة اللبنانية كما هو حاصل".
وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "فلنصلِّ إلى الله كي يمنحنا جميعًا نعمة الإيمان بحضوره معنا وبيننا ليسير بنا إلى كل ما هو حق وخير وسلام. له المجد الآن وإلى الأبد، آمين".