Oliver كتبها
فى البدء كانت الظلمة الأولى ظلمة العدم.قبل أن يخلق الله الوجود قال ليكن نور فكان نور و رأينا كل أعمال الخلقة فى النور.لنمجد الله على ما نراه بالعين الجسدية و بالعين الروحية أى الإيمان.
ظلمة العدم لم تكن بسبب الخطية لكنها ظلمة ما قبل الوجود .كانت بقصد إلهى لكى نتبين النور من الظلمة .هكذا كانت ظلمة المولود أعمي مقصودة لكي يتمجد الله فيه بالنور.لم تكن ظلمة المولود اعمى بسبب الخطية بل ظلمة العدم.أي عدم وجود أعين أو منبع النور في جسده.لذلك أجاب الرب يسوع تلاميذه لا هذا أخطأ و لا أبواه حتى أنه ولد أعمى.
هذه المعجزة صورة مصغرة للخلق الذى لم يره أحد من البشر,المسيح الله الخالق جعلها فرصة لتفسر لنا ما صنعه الله الكلمة فى بدء أعمال الخلق.فى المعجزة.ظلمة ما قبل المعجزة على شبه ظلمة ما قبل الوجود ثم خلق العينين من الطين و هى الخلقة التى لم يرها أحد و لا حتى أدم نفسه. كذلك كان الأبوان شاهدان صامتان على خلق العينين لإبنهما مثلما كانت الشمس و القمر شاهدان صامتان على خلقة آدم.هذه المعجزة تكشف لكل من له بصيرة أن المسيح هو الله الخالق المتجسد.
كانت معجزة للمولود اعمى لكنها درس للجميع.للتلاميذ أولا حتى لا نتعجل الحكم على أحد.و للأعمي نفسه فلا نفقد الرجاء مهما إنعدمت الفرص.درسا لأبوي المولود حتى نتعلم ألا نقايض المسيح بمكاسب أرضية و لا نخاف الناس بل نشهد للرب يسوع المسيح الذى إختبرناه في أنفسنا و في أحباءنا.كذلك درس لتقديس السبت بعمل الخير مهما كانت الظروف.فيكون يوم الرب حالة مقدسة نحياها و ليست طقوساً نتبعها.ثم كانت المعجزة درساً للمتزمتين العميان تحت ستار تقديس السبت فنتعلم ألا نمارس التدين الشكلى بل عشرة المسيح في حياتنا.ما المنفعة لو لم نكن طرفاً فى المعجزة من أجل الإستنارة.
كل عمل روحى لا يمر فى النور هو عمل ضال.كل صلاة لا تعبر على نور الفهم الروحي لِما نصليه لا تُعد صلاة.كل صوم بلا نور المحبة ليس صوماً بل تعذيباً تحت ستار التدين.كل خدمة بلا نور المعرفة الإلهية هى مضاربة للهواء.الإستنارة لابد أن تتخلل و تتغلغل فى كل الفضائل و إلا لن تكون فضائل.
نحتاج أن تنتقل هذه المعجزة إلى أعيننا و أفهامنا و أرواحنا.فما المنفعة من أي معجزة فى الإنجيل لا نصبح طرفا فيها.نحن الإبن الضال فى معجزة التوبة و نحن السامرية في معجزة تغيير المسار و نحن المفلوج في معجزة إسترداد أنفسنا و نحن المولود أعمي في معجزة السير في النور.
حين إستنار الأعمى صار صالحا للتعليم و جريئا للشهادة للمسيح.تكلم بدون تحضير لأن الإستنارة هى عمل الروح القدس فى الإنسان.هكذا لا يتقدم أحد للخدمة بغير إستنارة لأن الأعمى لا يقود أعمى.إن أول كلمة سمعها شاول الطرسوسي قبل أن يخدم كانت أيها الأخ شاول (أبصر).
لا يوجد حياد فى الأمور الأبدية. لا تصلح نبرات التساوى بين الأديان.و لا تنفع المصالحة بين العقائد السمائية و الأرضية. منافقون هم الذين يريدون أن يجمعوا بين المسيح و بين بليعال .لا يوجد وسط بين النور و الظلمة.لا وسط بين الوجود و العدم.لا توجد حالة وسط بين الملكوت و جهنم. طالما نحن على الأرض نسير فإن حسم مصيرنا الأبدى معلق على جدار القلب. المسيح نورنا و سواه ظلمة العدم.
فلنفعل مثل المولود أعمي و نتوقف عن إستعطاء الناس و إستجداء العالم.مال العالم كان يؤكد للأعمي عماه أما طين المسيح فقد كان وسيلة إستنارته.فلنقبل وسائل المسيح لخلاصنا.نسجد للمسيح يسوع لأنه الله و نقف قدامه بإيمان طالبين أبديتنا ليسكننا نوره المقدس بل يجعل منا أنفسنا نوراً للعالم.