(1930- 1986 )
إعداد/ ماجد كامل
صلاح جاهين.. يمثل الشاعر المصري الكبير " صلاح جاهين " ( 1930- 1986 ) أهمية كبيرة في تاريخ الشعر في مصر خصوصا الشعر العامي ؛ كما كان الفنان الكبير متعدد المواهب في العديد من المجالات ؛ فهو شاعر ورسام كاريكاتير وممثل وناققد فني وأدبي ........ الخ . أما عن صلاح جاهين نفسه ؛ فأسمه بالكامل " محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي " ولد في 25 ديسمبر 1930 ؛ وكان والده هو المستشار " بهجت حلمي " وكان يعمل في السلك القضائي ؛ وهو أيضا حفيد الكاتب الصحفي الكبير " أحمد حلمي " ( 1875- 1936 ) وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حيث درس الفنون الجميلة أولا ؛ ثم تركها ليلتحق بكلية الحقوق بناء علي رغبة والده ؛ كتب أول قصائده عام 1936 في رثاء للشهداء في مظاهرات الطلبة في المنصورة ؛ وبدأ حياته الصحفية في جريدة " بنت النيل " ثم جريدة التحرير ؛ أصدر أول دواوينه الشعرية " كلمة سلام " عام 1955 ؛ ثم ظهرت موهبة الرسم الكاريكاتيري عنده ؛ حيث شارك برسومه في مجلة روز اليوسف ؛ ثم مجلة صباح الخير ؛ وكان شريكا أساسيا في تأسيسها ؛ وفي خلال شهر مارس انضم الي هيئة التحرير بجريدة الأهرام خلال شهر مارس 1962 ؛ ولقد وضع كلمات النشيد الوطني للجمهورية العربية المتحدة " والله زمان يا سلاحي " وهو أصلا أغنية وطنية لسيدة الغناء العربي " أم كلثوم " ( 1898- 1975 ) ؛ لحنها الموسيقار الكبير " كمال الطويل " (1922- 2003 ) كما شارك بالتمثيل في عدد من الأفلام المصرية . وبعد نكسة يونية 1967 ؛ أصيب بنوبة اكتئاب ؛ فآثر العزلة والتقوقع ؛ ولكنه عاد بداية من عام 1972 بأغاني الفيلم الشهير " خلي بالك من زوزو " وأستمر في العمل في مجال كتابة الأغاني والأشعار ورسوم الكاريكاتير حتي توفي في 21 ابريل 1986 عن عمر يناهز56 عاما .
ولقد أثري الشاعر الكبير المكتبة الشعرية بالعديد من الأعمال الأدبية نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :-
1-كلمة سلام .
2-موال علشان القنال .
3-عن القمر والطين
4--الرباعيات .
5-قصاقيص ورق .
6- أنغام سبتمبرية .
7-علي أسم مصر .
8-أوبريت الليلة الكبيرة .
9--سناريوهات 18 عمل فني ما بين مسلسلات وأفلام ؛ كما كتب العديد من المسرحيات .
10– كتب كلمات أغاني عديدة أثرت في وجدان ملايين المصريين ؛ لعل أشهرها أغنية ام كلثوم الشهيرة " والله زمان يا سلاحي " التي صارت النشيد الوطني كما ذكرنا سابقا . وأغنية " محلاك يا مصري " لحن محمد الموجي ؛ ونشيد " راجعين بقوة السلاح " لحن رياض السنباطي ؛ ولشادية كتب لها " الدرس انتهي لمو الكراريس " لحن سيد مكاوي ؛ أما عبد الحليم حافظ ؛ فلقد كون معه ثنائيا رائعا ؛ حيث كتب له مجموعة من أروع وطنيات الخمسينات والستينات ؛ مثل " الله يا بلدنا الله – احنا الشعب - صورة - ناصر يا حرية ....... الخ ) .
ولقد كتب الناقد والمفكر الكبير الدكتور " لويس عوض "( 1915- 1990 ) كتابا هاما بعنوان " دراسات أدبية " خص فيه الشاعر الكبير بمجموعة من الدراسات تشمل ( أمير شعراء العامية – البداية - نحو النضوج – الشعر والكاركاتير – الرباعيات ) . ولعل لويس عوض هو أول من أطلق عليه لقب " أمير شعراء العامية " وفي شرح سبب ذلك يقول " كما كان صلاح عبد الصبور أمير شعراء الفصحي ؛ فلقد كان صلاح جاهين أمير شعراء العامية ؛ فمصر لم تنجب منذ بيرم التونسي وفي سمته ؛ إلا صلاح جاهين وكان كل منهما بحاجة إلي ثورة تتمضخض عنه ؛ فبيرم التونسي ابن ثورة 1919 ؛ و صلاح جاهين ابن ثورة 1952 ؛ ومع ذلك فلقد كان صلاح جاهين أصدق تعبيرا مما كان بيرم التونسي في زمانه ؛ لأن صلاح جاهين كان ملتزما بقضايا مجتمعه بينما كان بيرم التونسي مسحورا بالنماذج البشرية التي كان يقتبس بها في كل منعطف ( لويس عوض :- دراسات أدبية ؛ دار ومطابع المستقبل ؛ صفحة 159 ).
ولعل من أجمل أشعر صلاح جاهين هو ديوان " الرباعيات " فلقد بلغ فيه قمة نضوجه الشعري ؛ ويقول عنه لويس عوض " البحث عن شجرة الخير والشر " حيث يكثر فيه كثرة التساؤل والحيرة والشك ؛ فمثلا عندما يقول :-
مع ان كل الخلق من أصل طين .
وكلهم بينزلوا مغمضين .
بعد الدقايق والشهور والسنين .
تلاقي ناس أشرار وناس طيببين .
عجبي !!
فالقضية التي يطرحها هنا هي قضية " الفطرة "هل الإنسان خير بطبعه ام شرير؟ .
كما تناول جاهين قضية " الجبر والاختيار " ومصدر حيرته هنا هو كيف يختار الإنسان مصيره ؛ وهو لا يتحكم في أهم قضيتين :- الميلاد والوفاة . حيث يقول :-
عجبي عليك ... عجبي عليك يا زمن .
يا الو البدع يا مبكي عيني دما .
ازاي اختار لنفسي طريق .
وانا اللي داخل الحياة مرغما .
عجبي !!!
ولقد بلغ من جاهين يأسه من حل مشكلة الجبر والاختيار بقوله :-
لا تجبر الإنسان ولا تخيره .
يكفيه ما فيه من عقل يحيره .
اللي النهاردة بيطلبه ويشتهييه .
هو اللي بكرة يشتهي يغيره .
عجبي !!!
وفي الرباعيات نلمح ملامح البحث عن الله فيقول :-
غدر الزمان يا قلبي ما لهوش أمان .
وها يجي يوم تحتاج حبة إيمان
قلبي ارتجف وسألني .... آآمن بايه .
آآمن بايه محتار بقالي زمان .
عجبي !!!
( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع :- لويس عوض ؛ مرجع سبق ذكره ؛ الصفحات من 185- 193 )
ولقد عبر صلاح جاهين عن أيمانه بوجود الله في رباعية جميلة تعتبر من أجمل ما كتب في وصف صفات الله ؛ يقول فيها :-
ياللي بتبحث عن إله تعبده .
بحث الغريق عن أي شيء ينجده .
الله جميل وعليم ورحمن رحيم .
أحمل صفاته وأنت راح توجده .
عجبي!!!
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-آرثر جولد شميث :- قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ ترجمة وتعليق عبد الوهاب بكر ؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 251 ؛الطبعة الأولي ؛ 2003 ؛ صفحتي 173 و174 .
2-صلاح حسن رشيد :- قاموس الثقافة المصرية في العصر الحديث ( 1798- 2020 ) ؛ مكتبة الآداب ؛ 2020 ؛ صفحة 311 .
3-لويس عوض :- دراسات أدبية ؛دار المستقبل العربي ؛ الصفحات من 159- 193 .
4-قراءة في ديوان الرباعيات .