البابا فرنسيس .. بعد وصوله إلى البندقية توجه البابا فرنسيس إلى السجن المحلي حيث كان له لقاء مع السجينات بحضور المسؤولين عن السجن وأعضاء من شرطة السجون وعدد من المتطوعين ووجه كلمة حذّر فيها من مغبة عزل كرامة السجناء، مشددا على ضرورة أن يُعطى هؤلاء إمكانات جديدة في الحياة ولفت إلى أن البقاء في السجن يمكن أن يمثل بداية جديدة للسجناء.
 
بعد أن رحب الحبر الأعظم بجميع الحاضرين لفت إلى أنه أراد أن يلتقي بالسجينات في مستهل زيارته الرعوية إلى البندقية، ليقول لهن إنهن يتمتعن بمكانة خاصة في قلبه. وأضاف قائلا: أودُ أن نعيش هذه اللحظة ليس كزيارة رسمية للبابا، بل كلقاء نعطي فيه، بنعمة الله، بعضنا البعض الوقت والصلاة والقرب والمحبة الأخوية. اليوم سنخرج جميعا من هذا الفناء أكثر ثراءً، وسيكون الخير الذي نتبادله ثمينا.
 
بعدها أشار البابا فرنسيس إلى أن الرب شاء هذا اللقاء بين أشخاص أتوا من خلال دروب مختلفة، بينها من طُبعت بالألم الشديد، أيضا نتيجة أخطاء ارتُكبت وما يزال كل واحد يحمل الجراح والندبات التي تسببت بها. وقال: الله يريدنا معا لأنه يعلم أن كل واحد منا، هنا اليوم، لديه شيء فريد يعطيه ويأخذه، وأننا جميعا بحاجة إليه.
 
تابع البابا كلمته مؤكدا أن السجن هو واقع قاس، وثمة مشاكل مثل الاكتظاظ، ونقص المرافق والموارد، وأحداث العنف، التي تولد الكثير من المعاناة. بيد أن السجن يمكن أن تصبح أيضا مكانا للولادة الجديدة المعنوية والمادية، حيث لا يتم عزل كرامة النساء والرجال، بل يتم تعزيزها من خلال الاحترام المتبادل والاعتناء بالمواهب والقدرات، التي ربما بقيت نائمة أو مسجونة بسبب أحداث الحياة، ولكن يمكن أن تظهر من جديد لخير الجميع والتي تستحق الاهتمام والثقة.
 
ولفت الحبر الأعظم بعدها إلى أنه من المفارقات أن البقاء في السجن يمكن أن يمثل بداية شيء جديد، من خلال إعادة اكتشاف الجمال غير المتوقع في أنفسنا وفي الآخرين، كما يرمز إليه الحدث الفني الذي ينظمنه السجينات ويساهمن فيه، مضيفا أن هذا الحدث يمكن أن يصبح مثل موقع بناء لإعادة الإعمار، حيث ينظر المرء إلى حياته ويقيّمها بشجاعة، من أجل إزالة ما هو غير ضروري ومعيق وضار وخطير، ومن أجل تطوير مشروع جديد والعودة، في ضوء التجارب التي عرفناها، إلى عملية البناء، واضعين حجراً تلو الآخر. وشدد البابا على أنه من هذا المنطلق لا بد أن يوفر نظام السجون للسجناء والسجينات أدوات ومساحات للنمو البشري والروحي والثقافي والمهني، مما يهيئ الظروف لإعادة إدماجهم في المجتمع، بطريقة سليمة. وحذّر البابا من مغبة "عزل الكرامة" داعياً إلى إعطاء السجناء إمكانيات جديدة.
 
هذا ومضى البابا يقول: دعونا لا ننسى أن لدينا جميعا أخطاء يجب أن تُغفر لنا وجروح يجب أن تُضمد، وأنه يمكننا جميعا أن نصبح أشخاصاً يُشفون ويحملون الشفاء، أشخاصا يُغفر لهم ويحملون الغفران، أشخاصا وُلدوا من جديد ويحملون الولادة الجديدة.
 
في ختام كلمته قال البابا فرنسيس: أيها الأصدقاء والصديقات الأعزاء، لنجدد معاً اليوم ثقتنا في المستقبل. لنبدأ كل يوم بالقول: "اليوم هو الوقت المناسب"، "اليوم هو اليوم الصحيح"، "اليوم أبدأ من جديد"، ولنفعل هذا دائماً طيلة أيام حياتنا. هذا ثم وجه البابا كلمة شكر للحاضرين مؤكدا أنه يصلي من أجلهم وطلب منهم أن يصلوا هم أيضا من أجله.