محرر الأقباط متحدون
القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم بأننا في هذه المواسم الشريفة المرتبطة بالايمان والعقيدة المسيحية نؤكد مجددا على عراقة واصالة الحضور المسيحي في هذه الارض المقدسة .
لقد بات من الواضح ان هنالك تراجعا في اعداد المسيحيين في مدينة القدس كما وفي غيرها من الاراضي الفلسطينية لا سيما في غزة التي تراجع فيها عدد المسيحيين بشكل دراماتيكي خلال السنوات الاخيرة بسبب الحصار والحروب والظروف الاقتصادية المعيشية الصعبة وغيرها من العوامل.
من المؤلم والمحزن ان نرى ان الهجرة المسيحية مستمرة ومتواصلة في ظل انعدام الامن والامان وبات الكثيرون يظنون ان هذه الارض ليست آمنة ، ولذلك باتوا يفتشون عن اماكن اخرى في هذا العالم اكثر امنا واستقرارا .
ان نزيف الهجرة يؤلمنا ويحزننا وهو نزيف يخص شعبنا كله فتراجع اعداد المسيحيين في هذه الارض انما هي خسارة للشعب الفلسطيني كله ، هذا الشعب الذي تميز بوحدة ابناءه وبالتنوع الديني والعلاقات الطيبة بين كافة مكوناته .
اقول للمسيحيين الباقين في هذه الارض بأننا نعلم جيدا ما تمرون به وما تعانون منه في ظل اوضاع سياسية واقتصادية ومعيشية واجتماعية تزداد رداءة يوما بعد يوم ، ولكننا في المسيحية نبشر دائما بالمحبة وعلينا ان نضحي في سبيل من نحب فاذا ما احببنا بلدنا وكنيستنا ومسيحيتنا يجب ان نضحي في سبيلها وان نبقى في هذه الارض محافظين على شهادة الايمان ومؤكدين على عراقة وجودنا في هذه الارض.
لسنا بصدد المزاودة على احد فالحال الذي نمر به معروف للقاصي والداني ولكن يقلقنا ويؤلمنا ان نرى ان المسيحيين في هذه الديار وهي ارض الميلاد والتجسد والفداء والقيامة والنور قد تراجعت اعدادهم بشكل دراماتيكي .
اذكر انني عندما ذهبت الى غزة عام 91 واقمت قداسي الاول بعد سيامتي الكهنوتية كان في غزة وقتئذ اكثر من 30 الف مسيحي ، وقبل الحرب الاخيرة اصبح عددهم 1000 اما اليوم فقد اصبحوا اقل من 800 شخص ونزيف الهجرة ما زال مستمرا ومتواصلا بسبب الحرب وتداعياتها .
اما المسيحيين الفلسطينيين المنتشرين في سائر اصقاع العالم والذين تركوا فلسطين بسبب ما تعرضت له هذه الديار فأنا اقول لهم كونوا سفراء لبلدكم ولكنيستكم حيثما كنتم واينما تواجدتم وكونوا محافظين على انتماءكم للكنيسة الاولى التي وصفها الدمشقي يوحنا بأنها الكنيسة الام ، أما المسيحيون الباقون في هذه الديار فأقول لهم ابقوا فيها ولا تتركوها فلا نريد ان تتحول كنائسنا واماكننا المقدسة الى متاحف يؤمها الزوار والحجاج الاتين من كل حدب وصوب .
ابقوا فيها لكي تضيئوا قناديلكم وشموع قيامتكم ولكي تؤموا كنائسكم ولكي تكون الكنيسة بكم تنبض بالحياة لاننا نعتقد بأن الكنيسة هي كنيسة البشر وليست كنيسة الحجر.
البعض قد يظن بأن هذه شعارات وكلمات مثالية وانا اقول بأن المسيحيين الباقين في هذه الديار يجب ان يبقوا فيها والا يتخلوا عن عراقة وجودهم وجذورهم في هذه البقعة المقدسة من الارض .
كفانا ما حل بنا بسبب النكبات والنكسات ونزيف الهجرة التي لم يتوقف ونتمنى ان يتوقف هذا النزيف مع رجائي الا ان اكون مفرطا في التفاؤل .