محرر الأقباط متحدون
في عظة ألقاها خلال القداس في البازيليك الفاتيكانية لمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لإعلان قداسة البابوين يوحنا بولس الثاني ويوحنا الثالث والعشرين أكد الكاردينال أنجيلو كوماستري النائب العام الفخري للبابا فرنسيس على دولة حاضرة الفاتيكان أن حياة البابا البولندي تميزت بالطاعة المستمرة للإنجيل، كما كان رجلاً شجاعاً في زمن طُبع بالمخاوف الكبيرة.
 
في السابع والعشرين من أبريل نيسان ٢٠١٤ ترأس البابا فرنسيس احتفال تقديس البابوين فويتويا ورونكالي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بحضور حوالي ثمانمائة ألف مؤمن وحاج. إحياء للذكرى السنوية العاشرة لتلك المناسبة الهامة شاء الكاردينال كوماستري أن يسلط الضوء على حياة البابا يوحنا بولس الثاني، متوقفاً بنوع خاص عند طاعته للإنجيل والشجاعة التي ميزت حياته إذ دافع عن السلام والعائلة والحياة وكرامة كل كائن بشري، ولم يتردد في التنديد بممارسات عصابات المافيا في إيطاليا، كما انفتح على الحوار مع الشباب وشدد على أهمية التعبد لمريم العذراء والدة المسيح.
 
تساءل نيافته لماذا أحبّ الناس هذا البابا حباً كبيرا؟ وذكّر بمراسم التشييع التي جرت في الساحة الفاتيكانية وبالنعش المتواضع وبكتاب الإنجيل الذي وُضع عليه وقد قلّب الهواء صفحاته وكأن البابا أراد أن يقول لنا إن الجواب يوجد في الإنجيل، ولهذا السبب أحبه الناس، وقرأوا في حياته صفحات كتاب الإنجيل.
 
هذا ثم شاء الكاردينال كوماستري أن يتوقف عند التعاليم التي تركتها لنا قداسة تلميذ المسيح هذا ولفت إلى أنه كان رجلاً شجاعاً في القرن العشرين، في زمن طُبع بالمخاوف الكبيرة، وبالتنازلات وبالارتباك. وأضاف نيافته أن البابا فويتيوا كان شجاعاً في دفاعه عن السلام فيما كانت تُقرع طبول الحرب، لاسيما في منطقتي الخليج والشرق الأوسط. وأضاف أن يوحنا بولس الثاني بدا أحياناً كثيرة كنبي يصرخ في برية اللامبالاة، ومع ذلك لم يستسلم للإحباط، بل استمر في قول ما كان يقترحه عليه روح المسيح في ضميره، والبابا فرنسيس ما فتئ اليوم يكرر هذه النداءات لصالح السلام.
 
بعدها لفت المسؤول الفاتيكاني إلى أن البابا البولندي، وبطريقة نبوية، استشعر بالمخاطر المحدقة بالإنسان، المحدقة بمشروع العائلة التي ترتكز إلى العلاقة بين الرجل والمرأة، وتُبنى على الحب الأمين، وتصبح اعتناء بالحياة وفسحة ضرورية للنمو والتربية على الحياة البشرية. وفي وقت وجد فيه البرلمان الأوروبي صعوبة في التوصل إلى اتفاق بشأن تحديد مفهوم العائلة، صب البابا فويتيوا تعاليمه حول قيمة العائلة ومعناها. وقال إنه كل ما كانت العائلة قديسة ومتحدة كل ما كان المجتمع قديساً ومتحداً، مشيرا إلى أن تفتت المجتمع يبدأ من تفتت الأسرة.
 
لم تخل عظة الكاردينال كوماستري من تسليط الضوء على جهود يوحنا بولس الثاني الهادفة إلى الدفاع عن كرامة الحياة البشرية بغض النظر عن الظروف والأوضاع. وقد شدد مرارا وتكراراً على الحق في الحياة بكل مراحلها، مؤكدا أن هذا الحق هو ركيزة التعايش البشري. وذكّر نيافته أيضا بالزيارة التاريخية التي قام بها البابا فويتويا إلى مدينة أغريجنتو الصقلية عام ١٩٩٣ عندما دعا عصابات المافيا إلى التوبة، مضيفا أن ما يرتكبه المافيويون اليوم سيُحاسبون عليه يوماً أمام الله.
 
ختاماً ذكّر نيافته بالحوار الذي أقامه يوحنا بولس الثاني مع الشبان، وبقدرته على جذب الأجيال الجديدة وقال إنه كان رجلاً شجاعاً أيضا في البحث عن الشبان وفي الحديث معهم، ولم يقبل التهرب، وقد شعر الشبان بأنه صديق لهم. صديق حقيقي ووفي لم يشأ تقديم التنازلات ليكسب إعجاب الأشخاص وتصفيق الشبان. وقد أحبه هؤلاء وبحثوا عنه كمن يبحث عن أبيه، وقد عرف كيف يوجههم لأنه يعرف كيف يحبّهم حباً حقيقياً ووفيا.