سمير مرقص
(1) «ماجد كامل: الحياة للكتب وبالكتب»
الأستاذ ماجد كامل واحد من الباحثين المصريين، الذين كرَّسوا حياتهم من أجل الكتاب/ الكتب: قراءة، وكتابة، وتعريفًا، وتذكيرًا، وتثقيفًا. إنه أحد الحراس الأمناء على الكتاب/ الكتب. عرفته منذ منتصف الثمانينيات، وأذكر أنه ما من مرة رأيته فيها، على مدى أربعين عامًا، إلا ووجدته يحمل كتابًا/ كتبًا لمكتبته الخاصة، أو لتدعيم مكتبات الأصدقاء والجهات التى يرى ضرورة أن تقتنى هذا الكتاب أو ذاك. الكتب بالنسبة للأستاذ ماجد كامل هى حياة عاش بها ولها، ولايزال، بشغف، ومتعة، وأمانة، وعشق. عاشها مهنيًا كباحث، فكبير للباحثين بالهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية حتى تقاعده قبل أربع سنوات. كما عاشها فى حياته الخاصة إلى يومنا هذا. لم يتوقف دور «ماجد» على تأمين المدد الثقافى لنفسه أو للآخرين، وإنما عمل بدأب على أن يستخلص أهم ما فى هذه الكتب من أفكار لرموز الفكر المصرى والعالمى. فكان من الطبيعى أن تسفر حياة «ماجد» المتمحورة حول «الوله» بالكتاب/ بالكتب، كتابات تحاول تقديم خلاصة التراث المصرى/ الإنسانى من أفكار فى نصوص مكثفة للأجيال الجديدة.
(2) «موسوعة 100 شخصية قبطية على أرض مصر»
من هذه الكتابات نذكر كتابه المبكر «عبدالله النديم: المثقف الوطنى الشامل»، الذى صدر فى سلسلة: بناة المواطنة، عام 2011. وكتابه: مقالات عن الهوية القبطية، إضافة لكتاباته العديدة حول أدباء ومفكرى مصر وأوروبا: أعمالهم وأهم أفكارهم، كذلك الكثير من الشخصيات الدينية المسيحية القبطية، (وقد نشر العديد من المقالات فى دوريات القاهرة، الشروق، الهلال، المسرح، الفنون الشعبية، عالم الكتاب، المحيط الثقافى). ومؤخرًا، أصدر المجلد الضخم (500 صفحة) المعنون: «مائة شخصية قبطية على أرض مصر»، الذى انكب «ماجد» على إعداده فى السنوات الأخيرة، ليؤرخ ويوثق إبداعات ومساهمات مائة شخصية مصرية فى شتى المجالات. وقد حظى هذا المجلد بتقديم قداسة «البابا تواضروس الثانى» الذى كتب: «هذا سجل موسوعى فريد له كل التقدير والامتنان، إذ يحوى بين دفتيه سيرة حياة مائة شخصية قبطية نبتت على أرض مصر وقدمت حياتها من أجل الوطن فى كافة المجالات.. وكانت شموعًا على الدرب، وخلال أكثر من قرنين من الزمان تلهم الآخرين وتسهم فى بنيان الوطن والإنسان بأرفع القيم الإنسانية والمبادئ الحياتية». ويأتى هذا المجلد/ هذه الموسوعة فى وقتها تمامًا لتنشيط الذاكرة الوطنية حول مساهمات نفر من المواطنين المصريين فى شتى المجالات: الطب، والهندسة، والعمارة، والعلوم، والأدب، وعلم النفس، والتاريخ، والفن التشكيلى، والموسيقى، والقبطيات، والعسكرية، والصحافة، والجيولوجيا، وعلم الاجتماع، والفكر، والفلسفة، والآثار، والقانون، والسينما، والسياسة، والمسرح، والنسويات، والتربية، والتعليم، واللغة، والدراسات الكلاسيكية، واللغة، والعلوم الكنسية. والقراءة الأولية للموسوعة تؤكد على انخراط الأقباط فى المجال العام: المدنى/ السياسى/ العسكرى، والمهنى/ الأكاديمى، والثقافى/ المجتمعى، والإبداعى/ الفنى/ الأدبى/ الفكرى/ الفلسفى، والإنسانى/ التقنى/ اللغوى، أو ما أطلقنا عليه يومًا فى كتاباتنا حول الأقباط «الاندماج الرأسى فى الجسم الاجتماعى المصرى». أى أن الانتماء الدينى لم يحل دون الحضور الفاعل فى دوائر الحركة المتعددة انطلاقًا من قاعدة المواطنة. كما لم يكن حصاد هذا الحضور الفاعل من: إبداعات، ومساهمات، وإضافات، محصورًا فى إطار فئة بعينها وإنما كان ممتدًا لجميع المصريين دون تمييز. كذلك كان للبعض من الأسماء المذكورة فى الموسوعة حضور فاعل فى الحركة السياسية والفكرية المصرية.
(3) «الخلود للمبدعين»
كتب «ماجد كامل» موسوعته واضعًا نصب عينيه «اهتمام شعوب العالم المتحضر بتخليد ذكرى العظماء» من أبنائها وبناتها، كما كتب فى مستهل مقدمته للموسوعة التى تبين اطلاعه على هكذا جهود، تاريخيًا، فى السياق المصرى. ومن ثم اختار إطارًا زمنيًا يبدأ من الدولة الحديثة (1805) إلى يومنا هذا، ليعرض سيرة وأعمال وجهود ومؤلفات «المائة شخصية» المتنوعة التى اختارها. وتشير القراءة المقارنة بين العمل الراهن والأعمال التى سبقته إلى أمرين هما: أولًا: إضافة الكثير من الأسماء غير المتداولة فى هكذا موسوعات، ولكنها لعبت أدوارًا تاريخية مؤثرة ومهمة. ثانيًا: كتابة أكثر تفصيلًا لسير كثير من الشخصيات التى دأبت الموسوعات السابقة على الإشارة إليها. وبعد.. تعكس الموسوعة، كما كتبنا مرة فى دراستنا: النصوص الكبيرة: المشروعات الفكرية للمصريين المسيحيين- أحوال مصرية 2022، أن «الأقباط كالمسلمين فى مصر طبقات وشرائح وفئات وقوى تتباين اجتهاداتها الوطنية تباين مواقعها الاجتماعية ومصالحها الطبقية.. ومن ثم يمارسون أدوارهم وفق ما تقتضيه قناعاتهم ومسؤولياتهم».. وأخيرًا تحية للجهد الكبير الذى بذله الأستاذ ماجد كامل، وفى انتظار الجزء الثانى.
نقلا عن المصرى اليوم