سامح فوزي
لست من دعاة التناقض أو التقسيم والفرز الذى يؤدى إلى القطيعة. فليس من صالح المجتمع أن يكون أهل الثقافة والعلم فى جانب، وأهل الدين، والمشتغلين بعلومه فى جانب آخر، لأن ذلك باختصار يؤدى إلى تشوش، واضطراب الناس الذين يتلقون رسائل متناقضة. ولا يصح فى هذه الفترة تحديدًا أن نترك المجتمع يتخبط، بين من ينادى بالعلم، ويرفض الدين، وبين من يرفع لواء الدين، ويلغى العلم لأن تطبيق التطورات العلمية الحديثة بات بحاجة إلى إطار أخلاقى، ودينى، وانسانى مثل الذكاء الاصطناعى، والقضايا الطبية الشائكة، والتطور المذهل فى استخدام وسائل الاتصال،  وبرامج التواصل الاجتماعى وغيرها.

هذه القضية كانت محور نقاش أمس فى المجمع العلمى المصرى فى مؤتمر عقد بالشراكة مع المركز المسيحى الإسلامى للشراكة والتفاهم، وبالتعاون مع جامعة كامبريدج البريطانية والأزهر والإفتاء والكنيسة الإنجليكانية، والكنائس المصرية.

دارت نقاشات مهمة حول الذكاء الاصطناعى والخلايا الجذعية والموت الرحيم، وغيرها، وأثيرت قضايا عديدة فى سياق العلاقة بين العلم والأخلاق، لا سيما أن الأخلاق ضرورة للحيلولة دون تشيؤ الإنسان، ومواجهة محاولات نزع الإنسانية من الحياة، وتحويل الشخص إلى مجال شىء خاضع للتجريب.  

يصعب أن يستمر الفصل بين العلم والدين. ولكن ارتباط الاثنين، لا يعنى إخضاع البحث العلمى للدين، أو الاستخفاف بالقيم الدينية باسم العلم.

بالتأكيد هناك فرق بين العلم، والذى يقوم على التجريب، وبين الدين الذى يقوم على الإيمان. وسوف يظل باب البحث العلمى مفتوحًا لا حدود له، ولا قيود عليه، لكن يظل تطبيق منجزات العلم الحديث محكومًا بإطار أخلاقى يحافظ على إنسانية الإنسان، ويحول دون الافتئات على الكون.

يتطلب ذلك باختصار أن يكون هناك علماء يعطون القيم الدينية والأخلاق مساحة فى حياتهم، وفى الوقت نفسه يكون هناك علماء وباحثون فى المجال الدينى لديهم القدرة والرغبة فى الاجتهاد والتفكير الدينى المبدع فى التعامل مع مشكلات الحياة المتغيرة، وتطورات العلم المتلاحقة.
 
أضم صوتى إلى صوت الدكتور على جمعة الذى قال فى نهاية كلمته فى المؤتمر: «كان الله فى عون الجيل المقبل، نعم كان الله فى عونه لأنه سوف يواجه بإشكاليات علمية معقدة لها أبعاد أخلاقية مؤلمة، ويصبح مطلوبًا منه التعامل معها. فى هذه الحالة من غير المتصور أن يظل الخطاب الدينى على تقليديته، بينما العلم يسرع الخطى بحداثته.
نقلا عن الشروق