د. ممدوح حليم
من أروع القصص المتعلقة بالقيامة الواردة في الإنجيل ، والتي رواها تفصيلياً لوقا ، قصة ظهور المسيح بعد قيامته لرجلين معروفين ب " تلميذي عمواس" ليؤكد لهما حقيقة قيامته.
كان هذان الرجلان سائرين على الأقدام من أورشليم/ القدس حتى قرية عمواس. وقد ذكر الإنجيل أن المسافة بينهما ٦٠ غلوة أي نحو ٧ أميال أو ١١ كم. لقد كانت حياة الناس في الماضي تفيض حيوية ونشاطا، الأمر الذي كان مفيدا للصحة، ها الرجلان يسيران ١١ كم دون تعب أو كلل.
"وفيما هما يتكلمان ويتحاوران، اقترب إليهما يسوع نفسه وكان يمشي معهما. (لوقا ٢٤: ١٥).
إن يسوع يقترب إلينا ويرافقنا ونحن في مسيرة الحياة لكي يشجعنا ويرشدنا. لكن كثيرا ما لا ندرك ذلك. لعلنا مثل هذين الرجلين الذين لم يدركا أن السائر معهما هو يسوع.....
"ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته" (لوقا ٢٤: ١٦)
لقد دار حوار مطول بين يسوع القائم من الموت وهذين الرجلين الذين توقعانه مخلصا وفاديا، وأثبت لهما المسيح ذلك عبر التوراة أي الأسفار اليهودية المقدسة. وفي النهاية اقتربت ساعة الافتراق.
".٢٨ ثم اقتربوا إلى القرية التي كانا منطلقين إليها، وهو تظاهر كأنه منطلق إلى مكان أبعد. ٢٩ فألزماه قائلين: «امكث معنا، لأنه نحو المساء وقد مال النهار». فدخل ليمكث معهما. " (لوقا ٢٤: ٢٨، ٢٩)
يا لها من لحظات صعبة حين يقترب الفراق وتضيع لحظات رائعة وتدنو نهاية قصة جميلة في الحياة وختام للحظات نادرة، لا سيما وقد مال النهار ولاح الليل بسواده وكآبته في الأفق.
" امكث معنا" هذا ما طلبه الرجلان من يسوع ، فالحديث معه حلو ، وحضوره بهي، ونوره يغلب الليل وقد حط، والظلام وقد لاح، والبرد وقد زاد.
وإذا المسيرة ستنتهي، وإذا النور سيغادر، وإذا الرواية ستقفل. كيف سيفرط الرجلان في ذلك الشخص الذي اتضح أنه المسيح. لقد دعياه أن يمكث معهما. وهو الأمر الذي حدث.
لقد استمتع الرجلان بالحديث مع يسوع وبرفقته وطلبا منه أن يمكث معهما، فهل تفعل مثلهما؟