محرر الأقباط متحدون
البابا فرنسيس.. شارك البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة في اللقاء الذي يُنظم سنوياً في روما تحت عنوان "الأوضاع العامة للولادات" والذي يهدف إلى تحديد السبل الواجب اتباعها لمواجهة تراجع الولادات في إيطاليا. مبادرة وصلت هذا العام إلى نسختها الرابعة وقد شاءها "منتدى الجمعيات الأسرية" الذي يُعنى بمواجهة "الشتاء الديمغرافي"، وهو واقع يُلقي بظلاله على مستقبل إيطاليا.
وجه الحبر الأعظم للمشاركين في اللقاء خطاباً استهله لافتا إلى أن ولادة الأطفال هي هبة وتذكّرنا بأن الله يثق بالبشرية، فالله أرادنا ولديه مخطط عظيم وفريد لكل واحد منا، ولا يستثني أحدا. من هذا المنطلق شدد البابا على ضرورة التعاون والعمل معاً من أجل تعزيز الولادات بواقعية وبُعد نظر وشجاعة، وأراد أن يتوقف عند هذه العبارات الثلاث.
فيما يتعلق بـ"الواقعية" ذكّر فرنسيس بأن الماضي شهد دراسات حذّرت من ارتفاع نسبة الولادات باعتبارها تتسبب بخلل اقتصادي نتيجة قلة الموارد فضلا عن التلوث. ولفت إلى أن هذه النظريات تتحدث عن الكائنات البشرية وكأنها مشكلة، موضحا أن سبب التلوث والجوع في العالم لا يتعلق بالأطفال بل بخيارات من يفكرون فقط بأنفسهم، وبانتشار المادية العمياء والاستهلاكية، ما يؤثر سلباً على كيان الشخص والمجتمع ككل.
ولفت البابا إلى أن المشكلة لا تكمن في عدد سكان العالم بل في الطريقة التي نبني فيها عالمنا، مشيرا إلى أن الأنانية تولد الظلم لا الأبناء. والأنانية تجعلنا أصماء إزاء صوت الله، الذي يُحب ويعلمنا كيف نحب، وإزاء صوت الأخوة القريبين منا. الأنانية تخدّر القلب، وتحث الإنسان على امتلاك أشياء كثيرة دون أن يعرف كيف يصنع الخير، فتمتلئ البيوت بالأغراض وتفتقر إلى البنين. فالمشكلة تكمن في الأنانية والاستهلاكية والفردانية. وأضاف فرنسيس أن عدد الولادات هو المؤشر الأول للأمل لدى شعب ما، فبدون الأطفال والشبان نخسر الرغبة في المستقبل، وأوضح في هذا السياق أن معدل الأعمار في إيطاليا وصل اليوم إلى سبع وأربعين سنة، والوضع ليس مختلفاً في باقي الدول الأوروبية.
في سياق حديثه عن "بعد النظر"، سلط البابا الضوء على ضرورة تبني سياسات فاعلة على المدى البعيد، وخيارات شجاعة وملموسة، كي نزرع اليوم ما سيحصده الأبناء غداً. وأضاف أن جميع الحكومات مدعوة إلى تكثيف التزامها، كي تجد الأجيال الفتية الظروف المواتية لتحقق أحلامها المشروعة. وهنا لا بد من اتخاذ الخيارات التي تصب في صالح الأسر، كما ينبغي أن تُعزز، على الصعيد الاجتماعي، ثقافة السخاء والتضامن بين الأجيال، لإعادة النظر في العادات وأنماط الحياة، والتخلي عن كل ما هو ثانوي كي يكون للشبان أمل في الغد. وقال البابا: هذه هي القيم التي يجب أن ندعمها، هذه هي الثقافة التي ينبغي أن ننشرها إذا ما أردنا فعلاً أن ننعم بالغد.
بعدها تطرق البابا إلى العبارة الثالثة والأخيرة ألا وهي "الشجاعة" وشاء أن يتوجه بنوع خاص إلى الشباب، موضحا أن المستقبل قد يبدو مقلقاً ومن الصعب أن نحافظ على الأمل إزاء الحروب والأمراض والتبدلات المناخية وتراجع نسبة الولادات. وحثّ الشبان على عدم فقدان الشجاعة مذكراً بأن المستقبل هو مشروع نبنيه معاً، والرب يقف إلى جانبنا.
وطلب فرنسيس من الشبان ألا يستسلموا للخطط التي يضعها الآخرون بل أن يعملوا على تغيير المسار حتى إذا تطلب ذلك السير في عكس التيار، تماماً كما يفعل الآباء والأمهات الذين ينظمون سنوياً هذا اللقاء، الذي هو في الواقع "ورشة أمل" تساعدنا على التفكير وتشهد مشاركة ممثلين عن عالم السياسة، والأعمال والمصارف والرياضة والاستعراض والصحافة.
في ختام كلمته عبر البابا فرنسيس عن امتنانه للجهود التي تُبذل في هذا السياق وأكد للمشاركين في اللقاء أنه قريب منهم وأنه يرافقهم بواسطة الصلاة.