د. وسيم السيسي
الغفران'>رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى، قال عنها د. طه حسين: إنها درة الأدب العربى كله لا أستثنى منه شيئًا!. وقال عنها عباس محمود العقاد: أتمنى أن أكون فى الجنة، حيث بها مكتبة، وأهم ما فيها: الغفران'>رسالة الغفران!.
ابن القارح صديق لأبى العلاء، أرسل له رسالة، فرد عليه أبوالعلاء برسالة أطلق عليها اسم الغفران'>رسالة الغفران، ذلك لأنه تخيل أنه قابل شعراء، وأدباء، فكانت جنة العفاريت، وجنة الحيات، وجنة الحكماء، بل زار إبليس وهو فى بحيرة النار. استوحى أبوالعلاء الغفران'>رسالة الغفران من محاكمة الروح فى مصر القديمة، كما استوحى دانتى الكوميديا الإلهية من الغفران'>رسالة الغفران، وهناك دراسة للدكتور لويس عوض عن هذا الموضوع: الأصول الإسلامية فى الكوميديا الإلهية لدانتى.
سُميت هذه الرسالة الغفران'>رسالة الغفران لأن أباالعلاء وضع على لسان ابن القارح سؤال كل مَن يقابله فى الجنة: بِمَ غُفر لك؟. نجد فى جنة العفاريت جنيًا اسمه الخيتعور، ويسأله ابن القارح عن كنيته حتى يُكرمه بها فيقول: أبوهدرش!، ويتحدث أبوهدرش عن نفسه: كنا فى الدار الفانية «الدنيا» أصحاب حولة، وأنتم أصحاب حيلة!. كنا نتحول إلى أى شىء نشاء!.
نسمة فى الهواء، ورقة فى شجرة خضراء، حية رقطاء، فلما توفانا الله حُرمنا الحولة والحيلة، أما أنتم فأشيب الشعر أعطاه شعرًا فاحم السواد، بخراء الفم أعطاها فمًا رائحته كالمسك، أعشى البصر، أعطاه عيونًا تُذيب النساء.. إلخ، وفى جنة الحيات، يرى ابن القارح حيات يتلاعبن، يتخاففن ويتثاقلن، تراه حية فتقول له: هلم إلى اللذة، فوالله لو شئت لانتفضت لك كواحدة من أجمل الغوانى، يهرب ابن القارح، فتجرى وراءه الحية قائلة: لو ترشفت رضابى «لعابى» لعرفت أن صاحبة عنترة «عبلة- كانت مشهورة بحلاوة الفم» تَفِلَة صَدوف «نتنة - كريهة الرائحة بالنسبة لى!».
يجرى ابن القارح «جعل الله أمنه متصلًا» حتى يخرج من جنة الحيات. أخذ دانتى فكرة التحورات: Metamorphosis من أبى العلاء، فنجد فى الفردوس تحورات ثمار الجنة إلى غوانٍ.
أما لقاء ابن القارح بإبليس، وكيف كانت زبانية الجحيم يقلبونه فى بحيرة النار بقضيب من حديد، ويفتحون جفونه بكلاليب حتى يرى العذاب الذى هو فيه فالتكملة فى مقالة قادمة لأن شرح هذا اللقاء يطول.
نقلا عن المصرى اليوم