ماسك: أقمار "ستارلينك" تتعرّض للكثير من الضغط لكنها صامدة حتى الآن

 
ضربت الأرض مساء الجمعة عاصفة شمسية "شديدة" هي الأولى من نوعها منذ العام 2003، وأنارت بأضوائها القطبية الخلابة سماء العديد من دول العالم، لكنها أثارت كذلك خشية من تأثيرها المحتمل على الشبكات الإلكترونية وأنظمة الاتصالات.
 
وأعلنت الوكالة الأميركية لمراقبة المحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أن العاصفة الجيومغناطيسية هي من المستوى الخامس على مقياس من 5 درجات، والذي يوصف بأنه "شديد".
 
وقالت "نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) وشبكات الطاقة والمركبات الفضائية والملاحة عبر الأقمار الصناعية وسواها من التقنيات قد تتأثر"، وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس".
 
وأشارت الوكالة إلى أن العاصفة ناجمة من وصول سلسلة انبعاثات كتلية إكليلية من الشمس إلى الأرض.
 
وقالت الوكالة إن العاصفة قد تبدأ آثارها بالوصول إلى الأرض، وتحديدا نحو مناطق أميركا وكندا، ما يمكن أن يتسبب في انقطاع الاتصالات وخدمات "GPS".
 
وأوضحت أن هذا التنبيه هو الأول من نوعه منذ 19 عاما، ما يبرز خطورة العاصفة الشمسية المتوقعة، حيث تصدر الشمس توهجات قوية من الإشعاع عالي الطاقة، ما يزيد من احتمالية انقطاع الاتصالات اللاسلكية والتأثير على أنظمة الاتصالات بشكل عام يتوقع الخبراء أن يكون لهذه العاصفة الشمسية تأثيرات قوية، وقد تستمر العواصف المغناطيسية الأرضية والتأثيرات على الشبكات الكهربائية والاتصالات لفترة من الزمن بعد وصول ذروتها.
 
وأوضح جون دال من مركز التنبؤ بالمناخ الفضائي التابع للوكالة الأميركية خلال مؤتمر صحافي الجمعة، أن ذلك عبارة عن "انفجارات في الجسيمات النشطة والمجالات المغناطيسية من الشمس".
 
ويُتوقع استمرار العاصفة خلال عطلة نهاية الأسبوع مع وصول مزيد من تلك الانبعاثات وفق الوكالة.
 
وآخر حدث من هذا النوع بلغ المستوى الخامس كان في أكتوبر 2003 وأطلق عليه اسم "عواصف الهالوين" الشمسية، حسب الوكالة.
 
وسجّلت في ذاك العام انقطاعات للتيار الكهربائي في السويد، بينما تضررت محوّلات كهربائية في جنوب إفريقيا، بحسب ما أكدت الوكالة الأميركية.
 
وأوضح المصدر نفسه أن أولى الانبعاثات "الشديدة القوة" أصابت الأرض قرابة الساعة 16:30 بتوقيت غرينيتش الجمعة.
 
وتقترب الشمس حالياً من ذروة نشاطها وفقاً لدورة تتكرر كل 11 عاماً. وهذه الانبعاثات الكتلية الإكليلية التي تتجه سبعة منها على الأقل نحو الأرض، مصدرها بقعة شمسية قطرها يفوق حجم قطر الأرض بـ17 مرة.
 
وعلى عكس التوهجات الشمسية التي تنتقل بسرعة الضوء وتصل الأرض في غضون نحو ثماني دقائق، تنتقل الانبعاثات الكتلية الإكليلية بشكل أبطأ، ويناهز معدّل سرعتها 800 كلم في الثانية.
 
اضطرابات محتملة
وإضافة إلى تأثيرها المحتمل على الأنظمة الإلكترونية، تتسبّب هذه العواصف الشمسية الكبرى بأضواء قطبية لافتة، تبلغ أحياناً مناطق أبعد إلى الجنوب من تلك التي عادة ما تشهدها خلال الفترات المعتادة سنويا.
 
وأوضح أستاذ فيزياء الفضاء في جامعة ريدينغ بإنجلترا ماثيو أوينز أن المدى الجغرافي لظهور الأضواء القطبية، سيعتمد على قوة العاصفة الشمسية في نهاية المطاف.
 
وقال مساء الجمعة "نصيحتي ستكون اخرجوا الليلة وانظروا (إلى السماء)، لأنه إذا رأيتم الأضواء القطبية، سيكون ذلك أمرا مذهلاً".
 
وأظهرت صور تمّ تداولها على منصات التواصل، أضواء قطبية في مناطق عدة من الولايات المتحدة وحتى في لندن.
 
وقال إيان مانسفيلد من هارتفورد الإنجليزية: "لقد أيقظنا الأطفال للتو لكي يشاهدوا الأضواء القطبية في الحديقة!".
 
وفي الولايات المتحدة، توقع مسؤولون في مجال الفضاء أن يتم رصد الأضواء القطبية في مناطق مثل شمال ولاية كاليفورنيا وولاية ألاباما.
 
ونصح برينت غوردون من الوكالة الأميركية لمراقبة المحيطات والغلاف الجوي، السكان بالتقاط صور للسماء حتى في حال لم تكن الأضواء القطبية مرئية بالعين المجردة.
 
وأوضح "التقطوا صورة بكاميرات الهواتف المجمولة الحديثة، وسيذهلكم ما ترونه في هذه الصورة مقارنة مع ما رأيتموه بالعين المجردة".
 
من جهته، أكد شون دال أن مشغّلي الأقمار الاصطناعية المخصصة للاتصالات والشبكة الكهربائية في أميركا الشمالية، تمّ إبلاغهم بالعاصفة بشكل مسبق لاتخاذ الاحتياطات اللازمة.
 
ونصح السكان بالتزود ببطاريات أو حتى مولدات كهربائية، كما هو الحال مع أي عواصف مناخية أخرى.
 
بدوره، أكد الباحث في مركز التنبؤ بالمناخ الفضائي روب ستينبرغ بأن مشغّلي التيار الكهربائي عملوا خلال العقد الماضي على حماية الشبكات بشكل أفضل، مشيرا إلى أن التأثير المحتمل للعاصفة الشمسية سيقتصر على خطوط التوتر العالي وليس المنازل الخاصة.
 
وأكد أن وكالته تقوم بالتنسيق مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) التي تتولى ضمان سلامة الرواد في محطة الفضاء الدولية المعرّضين بشكل أكبر للانبعاثات والإشعاعات الشمسية.
 
كما أصدرت السلطات تحذيرا إشعاعيا من الدرجة الأولى على مقياس من 5 درجات، وهو مستوى لا يثير القلق حاليا.
 
من جهته، أكّد الملياردير إيلون ماسك مالك شركة "ستارلينك" لخدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية والتي تشغّل نحو خمسة آلاف منها في مدار منخفض، أن هذه الأقمار "تتعرّض للكثير من الضغط لكنها صامدة حتى الآن"، وذلك في منشور على منصته "إكس".
 
إلى ذلك، أكدت وكالة الطيران المدني الأميركي أنها "لا تتوقع أي مضاعفات مهمة" على الملاحة جراء العاصفة.
 
لكنها أشارت الى أن العواصف الجيومغناطيسية قد تؤدي لاضطراب عمل أجهزة الملاحة والبث ذات التردد العالي، وأنها أوصت الخطوط الجوية والطيارين بـ"توقع" اضطرابات محتملة.
 
وتعود أقوى عاصفة شمسية مسجّلة في التاريخ إلى العام 1859 وفق ناسا، وعرفت بـ"حدث كارينغتون"، وتسببت حينها باضطرابات في خطوط التلغراف.