بقلم: أندرو اشعياء
قتل وحش مفترس (أسد) فريسة، واثناء افتراسها وقفت عظمة مسننة في حلقه. قال الأسد: «لقد قررت أن أعطي لمَن يزيل هذه العظمة مِن حلقي عطية جزيلة. فجاء الطائر المدعو «البلشون» واستطاع بمنقاره الطويل أن يستخرخ العظمة من حلقه، وطالب الأسد بأجرته، فأجابه الأسد: «امض بعيدًا. يكفيك الآن أنك تستطيع أن تتباهى أنك أدخلت رأسك صحيحة في فم الأسد وخرجت منه صحيحًا»!
روى هذه القصة او المثل الرابي يشوع ليحث اليهود على تجنب الدخول في أزمة مع السلطة الرومانية. ويتضح لنا منها الآتى:
- افتخر بعض اليهود بأن وقوعهم تحت نير السلطة الرومانية وتجنبهم لها إنما هو فخر لهم بأنهم استطاعوا أن يتأقلموا دون مواجهة! في حين أن بعضهم والى السلطة الرومانية مثل الهيرودسيين الذين نادوا بموالاة هيرودس والرومان!
- من هذا المثل يتضح لنا أن فيما كان بعض الرابيين ينتهجون مسلك تحاشي السلطة الرومانية حتى لا يتأثروا بها، وقعوا في التأثر بالثقافة الهيلينية باستخدامهم بعض مِن أشكال الأساطير في سردهم للأمثال (أسد له مشكلة يرويها، وطائر ينقذه)، وهذا ما لا نجده مُطلقًا في أمثال السيد المسيح التي كانت لها طابع خاص من واقعية وهدف، فلم يتحاشى توجيه الحديث للقيادات ولم يتأثر.
- بالغ الرابيون في استخدام الأمثال إذ وضعوها خلال سياق يشرح نفسه لا يحتاج إلى هذا التفسير.
- المثل لا يتطابق إطلاقًا مع الواقع إذ أن المثل صوّر بطل القصة (الأسد) بصفة إنكار الجميل والكذب والتعدي، وأن البطل مفترس قاسي لا يشفق إذ لا يوجد عنده سوى عقوبات صعبة في حين أن امثال الرب يسوع شبهت الملك أو السيد أو الأب أو صاحب الأرض بالرجل الرحيم الذي يفهم ويحنو ويتأنى ويهب فرص.
- كثرة استخدام الرابيين للأمثال افقتدها قيمتها لدى الشعب، وخصوصًا كونها لا تتطابق في تفاصيلها مع الواقع أو احتياجات الشعب العميقة.
- استخدم الرب يسوع أمثالًا أكثر واقعية واقعية، لم تتأثر بالثقافة الهيلينة (كما سنرى في أمثلة اخرى)، بالإضافة أن كلامه حمل قوة شخصه..