بقلم - م. شريف منصور
ظاهرة عامة تجدها متكررة علي مواقع التواصل الاجتماعي وهي أن كارهي المسيحيين والمسيحية يحاولوا تبرير أفعالهم من عنف وارهاب ودموية للمسيحية ومتخيلين أن هكذا يبررون ما يفعلوا خلال ١٤ قرن مضت وإلي الآن لكي (تتساوى لحضيضهم) .
تجدهم يروجون لهرتلات مثل:
يقولوا المسيحية مارست الإرهاب أيضا عن طريق محاكم التفتيش في أوروبا .
الرد ... محاكم التفتيش في أوروبا لم تكن ولن تكون من تعاليم المسيحية . في الأساس استخدمها البعض لمواجهة الهرطقات اي الانحراف و الإساءات ضد المسيحية الراسخة... لكنها تخطت أسباب وجودها في فترة من الفترات كأداة للمتطرفين و في السياسة استغلها بعض ملوك أوروبا لتصفية بعض الحسابات بينهم وبين معارضيهم ... وعندما وجد الغربيين مدي الانحراف استفاقوا من هذه التصرفات واعترفوا بخطأهم في حق المسيحية و رفضوا استمرار محاكم التفتيش وتم الغاؤها سنة ١٨٣٤ علي يد الملكة ايزابيلا الثانية ...
وبعدها بدأت أوروبا تنطلق نحو التقدم والحضارة في ظل الإيمان المسيحي الحقيقي بعيدا عن أي عنف الذي لا تقبل به المسيحية ..
في حين أن المتشددون الإسلاميون يمارسون العنف حتى يومنا هذا ومحاكم التفتيش الخاصة به، كما يقومون بمحاسبة الاتباع علي نواياهم او علي شعرة قد تظهر من حجاب اى انثي.. وايضا محاكم تفتيش تنظر الي الحركة و النَفَس وعطر المرأة وحواجبها و ملابسها وابسط الامور ... حتي انهم يضعون بعضهم البعض تحت سلطات محاكم تفتيشهم فيُكفّرون بعضهم البعض ويستحلون دماء بعض علي المذهب والاعتقاد . .. ونري جميعا عمليات القتل والتفجيرات مابين الفريقين في اماكن العبادة ..فما بالكم عنفهم ودمويتهم وتطرفهم ضد الاخرين المخالفين في الدين، ولا تنسي الحملة الشعواء ضد مجموعة من المفكرين اجتمعوا لتنقيه ما افسده ائمة العهود البائدة و المستمر الي اليوم . و فورا خرج الاتباع يكفروهم و يلعنونهم و يفبركوا عنهم قصص وهمية و يستخدموا ادوات اخترعها الكفار لترويع المؤمنين . أليست هذه مسرحية هي نفسها ما ينتقدونه و يسمي محاكم التفتيش.
والسؤال هنا... كيف يجرؤون علي انتقاد محاكم التفتيش الاوروبية رغم انها انتهت منذ حوالي اربع قرون ... و هم انفسهم يعيشون نفس - بل و العن من مبادئها الان و يعيشون حياتهم ويتعاملون مع المخالفين وحتي بينهم وبين انفسهم بنفس اسلوب محاكم التفتيش التي ينتقدونها ويقولوا ان المسيحية ارهاب و حتي الآن ف القرن الواحد والعشرين ؟
المسيحية لم تكن يوما دين عنف او ارهاب وان انحرف البعض عن المسيحية فهذا ليس له أساس فيها والمسيحية بريئة من هذا الأمر ... لا يوجد اية واحده او حتي امر او تصرف من السيد المسيح و تلاميذه يدعوا للعنف .
لكن بعض الآخرين هم من يقتلون ويكفرون ويستحلون الدماء باسم عقيدتهم .. يفعلون ذلك بمرجعية دينية ولا يستطيعون انكار ذلك.
اما الحديث عن الحروب الصليبية وشيطنتها امام العامة والبسطاء غير المثقفين ... فالحقيقة معروفة لدى العارفين ان الحروب الصليبية كانت لتحرير اورشليم من الاحتلال العربي وحماية المقدسات المسيحية و الحجاج المسيحيين الذين هاجمهم المسلمون الغزاة المحتلون بكل عنف
فى موسوعة “قصة الحضارة” أن أول سبب للحروب الصليبية هو تقدم الجيوش الإسلامية تجاه أوروبا ومعاملة المسلمين الغير إنسانية للمسيحيين (سواء الذين يحجون للقدس أو للقاطنين فيها) حيث يقول المؤرخ ول ديورانت [وأول سبب مباشر للحروب الصليبية هو زحف الأتراك السلاجقة]
وقام الحاكم بأمر الله بتدمير كنيسة الضريح المقدس (القيامة) عام 1010م
كما جاء ..فى كتاب المؤرخ المسلم المقريزى حيث يقول بالنص:
[وفي أيامه أمر المتوكل على الله في سنة خمس وثلاثين ومائتين أهل الذمّة بلبس الطيالسة العسلية وشدّ الزنانير وركوب السروج بالركب الخشب، وعمل كرتين في مؤخر السرج، وعمل رقعتين على لباس رجالهم تخالفان لون الثوب، قدر كلّ واحدة منهما أربع أصابع، ولون كلّ واحدة منهما غير لون الأخرى، ومن خرج من نسائهم تلبس إزارا عسليا، ومنعهم من لباس المناطق، وأمر بهدم بيعهم المحدثة، وبأخذ العشر من منازلهم، وأن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب ونهى أن يستعان بهم في أعمال السلطان، ولا يعلمهم اي من اتباع العقيدة، ونهى أن يظهروا في شعانينهم صليبا، وأن لا يشعلوا في الطريق نارا، وأمر بتسوية قبورهم مع الأرض، وكتب بذلك إلى
الآفاق، ثم أمر في سنة تسع وثلاثين أهل الذمّة بلبس دراعتين عسليتين على الذراريع والأقبية، وبالاقتصار في مراكبهم على ركوب البغال والحمير دون الخيل .
وثأر أيضا بمدينة عسقلان وهدموا كنيسة مريم الخضراء، ونهبوا ما فيها، وأعانهم اليهود حتى أحرقوها، ففرّ أسقف عسقلان إلى الرملة وأقام بها حتى مات، وقدّم اليعاقبة في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة تاوفانيوس بطركا، فأقام أربع سنين وستة أشهر ومات، فأقيم بعده مينا، فأقام إحدى عشرة سنة ومات، فخلا الكرسيّ بعده سنة، ثم قدّم اليعاقبة افراهام بعده مينا، فأقام ست وستين وثلاثمائة فأقام ثلاث سنين وستة أشهر ومات مسموما ، وسببه أنه منعه من التسرّي، فخلا الكرسي بعده ستة أشهر، وأقيم فيلاياوس في سنة تسع وستين، فأقام أربعا وعشرين سنة ومات، وكان مترفا
وفي أيامه أخذت الملكية كنيسة السيدة المعروفة بكنيسة البطرك، تسلمها منهم بطرك الملكية أرسانيوس في أيام العزيز بالله نزار بن المعز، وفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة قدّم اليعاقبة زخريس بطركا، فأقام ثماني وعشرين سنة، منها في البلايا مع الحاكم بأمر الله أبي عليّ منصور بن العزيز بالله تسع سنين، اعتقله فيها ثلاثة أشهر، وأمر به فألقي للسباع هو وسوسنة النوبيّ، فلم تضرّه .
تم اضطهاد للمسيحيين مثل ما فعله الحاكم بأمر الله من تدمير كنيسة الضريح المقدس (القيامة) عام 1010م ، نعم إن الحاكم بأمر الله، الخليفة المجنون، دمر كنيسة الضريح المقدس (1010) لكن قمة الاضطهاد قد تم فى عهد الأتراك حيث يقول [لكن الأتراك انتزعوا بيت المقدس من الفاطميين فى عام 1070م، وأخذ الحجاج المسيحيون بعد عودتهم إلى أوطانهم يتحدثون عما يلقونه فيها من ظلم وتحقير
و في عهد أحمد بن طولون امير مصر قدّم اليعاقبة البطرك ميخائيل فأقام خمسا وعشرين سنة ومات بعد ما ألزمه أحمد بن طولون بحمل عشرين ألف دينار، باع فيها رباع الكنائس الموقوفة عليها، وأرض الحبش ظاهر فسطاط مصر، وباع الكنيسة بجوار المعلقة من قصر الشمع لليهود، وقرّر الديارية على كلّ قبطي قيراطا في السنة، فقام بنصف المقرّر عليه.
وفي أيامه قتل الأمير أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، فلما مات شغر كرسيّ الإسكندرية بعده من البطاركة أربع عشرة سنة، وفي يوم الاثنين ثالث أحرقت الكنيسة الكبرى المعروفة بالقيامة في الإسكندرية .
وفي سنة إحدى وثلاثمائة قدّم اليعاقبة غبريال بطركا، فأقام إحدى عشرة سنة ومات، وأخذت في أيامه الديارية على الرجال والنساء، وقدّم بعده اليعاقبة في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة قسيما فأقام اثنتي عشرة سنة ومات. وفي يوم السبت النصف من شهر رجب سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة أحرق مسلمون كنيسة مريم بدمشق، ونهبوا ما فيها من الآلات والأواني وقيمتها كثيرة جدّا، ونهبوا ديرا للنساء بجوارها، وشعثوا كنائس النسطورية واليعقوبية.
وفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة قدّم اليعاقبة بطركا فأقام عشرين سنة ومات، وفي أيامه ثاروا بالقدس سنة خمس وعشرين وثلاثمائة وحرّقوا كنيسة القيامة ونهبوها وخرّبوا منها ما قدروا عليه.
ولما مات خلا الكرسيّ بعده أربعة وسبعين يوما، وفي بطركيته نزل بالمسيحيين شدائد لم يعهدوا مثلها، وذلك أن كثيرا منهم كان قد تمكن في أعمال الدولة حتى صاروا كالوزراء وتعاظموا لاتساع أحوالهم وكثرة أموالهم، فاشتدّ بأسهم وتزايد حقد المسلمين عليهم ، فأغضب الحاكم بأمر الله ذلك، وكان لا يملك نفسه إذا غضب، فقبض على عيسى بن نسطورس النصرانيّ، وهو إذ ذاك في رتبة تضاهي رتب الوزراء وضرب عنقه
وكتب إلى أعماله كلها بذلك، وأحرق عدّة صلبان كثيرة، ومنع المسيحيين من شراء العبيد والإماء، وهدم الكنائس التي بخط راشدة ظاهر مدينة مصر، وأخرب كنائس المقس خارج القاهرة، وأباح ما فيها للناس، فانتهبوا منها ما يجل وصفه، وهدم دير القصير وانهب العامة ما فيه، ومنع المسيحيين من عمل الغطاس على شاطىء النيل بمصر، وأبطل ما كان يعمل فيه من الاجتماع للهو
وألزم رجال الأقباط بتعليق الصلبان الخشب التي زنة كل صليب منها خمسة أرطال في أعناقهم، ومنعهم من ركوب الخيل، وجعل لهم أن يركبوا البغال والحمير بسروج ولجم غير محلاة بالذهب والفضة، بل تكون من جلود سود، وضرب بالحرس في القاهرة ومصر أن لا يركب أحد من المكارية ذمّيا، ولا يحمل نوتيّ منهم أحدا من أهل الذمة، وأن تكون ثياب الأقباط وعمائهم شديدة السواد
وركب سروجهم من خشب الجميز، وأن يعلق اليهود في أعناقهم خشبا مدوّرا زنة الخشبة منها خمسة أرطال، وهي ظاهرة فوق ثيابهم، وأخذ في هدم الكنائس كلها وأباح ما فيها، وما هو محبس عليها للناس نهبا وإقطاعا، فهدمت بأسرها ونهب جميع أمتعتها وأقطع أحباسها، وبني في مواضعها المساجد، وأذن بالصلاة في كنيسة شنودة بمصر، وأحيط بكنيسة المعلقة في قصر الشمع.
كتب إلى ولاة الأعمال بتمكينهم من هدم الكنائس والديارات فعمّ الهدم فيها من سنة ثلاث وأربعمائة حتى ذكر من يوثق به في ذلك أن الذي هدم إلى آخر سنة خمس وأربعمائة بمصر والشام وأعمالهما من الهياكل التي بناها الروم نيث وثلاثون ألف بيعة، ونهب ما فيها من آلات الذهب والفضة، وقبض على أوقافها، وكانت أوقافا جليلة على مبان عجيبة
وألزم الاقباط أن تكون الصلبان في أعناقهم إذا دخلوا الحمام، وألزم اليهود أن يكون في أعناقهم الأجراس إذا دخلوا الحمام، ثم ألزم اليهود و الأقباط بخروجهم كلهم من أرض مصر إلى بلاد الروم، فاجتمعوا بأسرهم تحت القصر من القاهرة وفي هذه الحوادث أسلم كثير من الأقباط تحت ضغط الاضطهاد والظلم .
🛑 الترتيب الكرونولوجى للأحداث طبقاً لما قاله المقريزى:
عام 300 : هدم كنيسة القيامة فى الاسكندرية أيام المعتز.
عام 312 : حرق كنيسة العذراء بدمشق ونهب ما فيها.
عام 325 : حرق ونهب كنيسة القيامة بالقدس.
عام 328 : هدم وحرق كنيسة مريم الخضراء بالعسقلان.
⬅️ و كان لحدث هدم كنيسة القيامة وسوء معاملة الحجاج المسيحيين رد الفعل الأقوى فى الغرب ، وإن كان فى عهد الحاكم بأمر الله تم هدم الكنيسة وحرقها فقد كان فى عهد الملك الظاهر أنه تم قتل قسيس الكنيسة ونهب محتوياتها يقول يوسف بن تغري بردي :
( وكان للشيخ خضر المذكور منزلة عظيمة عند الملك الظاهر بحيث إنّه كان ينزل عنده فى الجمعة المرّة والمرّتين ويباسطه ويمازحه ويقبل شفاعته ويستصحبه فى سائر سفراته، ومتى فتح مكانا أفرض له منه أوفر نصيب، فامتدّت يد الشيخ خضر بذلك فى سائر المملكة يفعل ما يختار لا يمنعه أحد من النوّاب، حتّى إنّه دخل إلى كنيسة قمامة ذبح قسّيسها بيده، وانتهب ما كان فيها تلامذته )
ومن المؤسف أن نجد كتب التراث المسيحي تشير إلى أهم كنيسة مسيحية بأوصاف لا تليق بل أنا أرى فيها احتقاراً لمقدسات المسيحيين وتحقيراً لهم، إذ تدعو تلك الكتب كنيسة “القيامة” بكنيسة “القمامة”، وهذا الأمر لا ينفرد به هذا الكتاب بل نجده أيضاً فى كتاب (العبر في خبر من غبر) للذهبى حيث جاء فيه :
[وفيها هدم الحاكم العبيدي كنيسة قمامة بالقدس، لكونهم يبالغون في إظهار شعارهم، ثم هدم الكنائس التي في مملكته، ونادى: من أسلم، وإلا فليخرج من مملكتي، أو يلتزم بما آمر، ثم أمر بتعليق صلبان كبار على صدورهم، وزن الصليب أربعة أرطال بالمصري، وبتعليق خشبة مثل المكمدة، وزنها ستة أرطال، في عنق اليهودي، إشارة إلى رأس العجل الذي عبدوه، فقيل: كانت الخشبة على تمثال رأس عجل، وبقي هذا سنوات، ثم رخّص لهم في الردَّة، لكونهم مكرهين
تلك الأحداث من هدم للكنائس واضطهاد للمسيحيين دفعت توماس ف. مادين Thomas F. Madden (الذى يشغل كرسى قسم التاريخ فى جامعة سانت لويس و مؤلف كتاب A Concise History of the Crusades ومحرر كتاب Crusades, the illustrated historyالذى شارك فيه العديد من علماء التاريخ) أن يقول أن الحروب الصليبية لم تكن سوى حروب دفاعية، لا حروب لأجل الاستعمار وأن الهدف الأساسى من بقاء الصليبيين فى القدس هو حماية الأماكن المقدسة والحجاج المسيحيين لها.
🔴 لقد درسنا فى المدارس ادعاءات وقرأنا فى كتب التاريخ العربية المعاصرة اكاذيب أن سبب الحروب الصليبية هو جشع الصليبين وأنهم أتوا لإستعمار الشرق ولكن الحقيقة انها كانت حروب دفاعية للدفاع عن حياة المسيحيين ومقدساتهم التي تم استباحتها واستباحتهم علي يد المسلمين .
🛑 شهادة كاتب مسلم معاصر :
شهد الدكتور عبد السلام الترمانينى (دكتوراة فى الحقوق من كلية الحقوق جامعة باريس عام 1939م، عميد كلية الحقوق بجامعة حلب عام 1962م، رئيس قسم القانون المدنى بجامعة دمشق عام 1970م) شهد بأن الدافع الأول للحروب الصليبية هو التعصب الدينى ضد المسيحيين، ومعاملتهم السيئة للمسيحيين فى الشرق.
اذا لم يكن الصليبيون مجرد معتدين بلا أى دافع، قتلة جشعين أو مستعمرين من القرون الوسطى، كما يصورون دائما فى بعض كتب التاريخ.