المراهنات هي مخاطرة بالمال أو أي شيء له قيمة، ولا تكمن خطورتها في خسارة المال فقط، بل يمكن أن تؤثر على حياة الشخص بأكمله، والخروج منها يكون إما بطبيب نفسي أو بارتكاب جريمة.
فى السطور التالية يرصد موقع "مصراوي" الإخباري عددًا من الجرائم التى شهدتها عدد من المحافظات مؤخرًا بسبب المراهنات، وبيان حكمها الشرعي ووضعها فى القانوني.
الطفلة ميرا ضحية والدها
الواقعة الأولى، كانت لأب اختطف ابنته البالغة من العمر عامين وقتلها، وبدأت القصة عندما تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي خبر اختفاء الطفلة ميرا في مركز منفلوط بأسيوط؛ وباشرت الأجهزة الأمنية التحقيق فورًا، لتكشف أنّ والد الطفلة، الذي لديه سوابق جنائية، لم يبادر بالإبلاغ عن اختفاء ابنته.
وبعد البحث والتحريات، اتضح أنّ الأب قد اختلق قصة اختطاف ابنته لتضليل الأجهزة الأمنية وإلصاق التهمة بشخص آخر، وبفضل الجهود المكثفة، تمكنت قوات الشرطة من القبض على الأب المتهم، الذي اعترف بجريمته تحت وطأة التحقيق.
وقال أحد الأهالي، إن الأب قد عانى من خسائر فادحة في منصات القمار والمراهنات، ففكر في اختطاف ابنته كوسيلة لابتزاز عائلته والحصول على فدية، إلا أنّه لم يكتفِ بذلك، بل قتل ابنته ثمّ رمى جثتها في مصرف المياه.
مدرس الفيزياء قتل تلميذه وقطع جثته
الواقعة الثانية بطلها مدرس فيزياء يدعى "محمد الطحاوي"، المتهم بقتل الطالب إيهاب أشرف عبدالعزيز، بالدقهلية فى القضية رقم 1041 لسنة 2024 جنايات الستاموني، حيث انتهت تحقيقات النيابة النيابة العامة إلى ثبوت اتهام المدرية بجناية قتل الطالب عمدا مع سبق الإصرار؛ وذلك لرغبته في الحصول على فدية من ذويه.
وكانت النيابة العامة قد باشرت التحقيقات، وكلفت الشرطة بالتحرى عن الواقعة لكشف ملابساتها، وسألت شهودها، فتوصلت إلى أن وراء ارتكابها المتهم والذى تبين أنه طالب جامعى كان يعطى المجنى عليه درسا خاصا، وما أن علم بمقدرة والده المالية؛ ونظرا لتعرضه لخسارة مالية نتيجة مضاربته عبر أحد المواقع الإلكترونية؛ قام باستدراج المجنى عليه وقتله، وقام بإلقاء جثمانه بإحدى الأراضى الزراعية –بعد شطره ل 3 أجزاء، ثم طلب من ذويه فدية مالية.
ومنذ عدة سنوات، انتحر شاب يُدعى «باسم.ا.و»، 28 سنة، يعمل سائقاً بإحدى شركات توصيل المواطنين بإلقاء نفسه من الطابق الرابع بمنطقة الساحل فى القاهرة، وكشفت أسرته أنه انتحر لخسارته مبلغ 50 ألف جنيه فى لعبة مراهنات إلكترونية تسمى (أولمبيك ترند)، ما أدى لإصابته بأزمة نفسية وحالة اكتئاب انتحر على أثرها.
لم يقتصر الأمر على وقائع القتل الانتحار، بل شهدت مصر أيضًا وقائع نصب واحتيال على المواطنين من خلال استغلالهم في مجال المراهنات الرياضية، حيث تقدم عدد من المواطنين في محافظة أسيوط ببلاغ في مركز الشرطة، يتهمون فيه شخصين بالنصب وأظهرت التحقيقات الأولية أن المتهمين مقيمين بدائرة مركز شرطة منفلوط بمحافظة أسيوط، وقاما بتلقي مبالغ مالية من ضحاياهما بوعدهم بتحقيق أرباح كبيرة من خلال استثمارها في مجال المراهنات الرياضية، مستخدمين في ذلك تطبيقًا إلكترونيًا ومحافظ مالية مرتبطة بخطوط الهواتف المحمولة.
وبعد التحريات وجمع الأدلة، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط المتهمين وبحوزتهما عدد من شرائح الهواتف المحمولة المختلفة مربوطة على محافظ مالية بحجم تعاملات مالية بلغت "3 ملايين جنيه" – مبلغ مالى "عملات أجنبية"، بالإضافة إلى 7 هواتف محمولة التي تُثبت تورّطهم في جرائم الاحتيال، وبمواجهتهما، اعترف المتهمان بنشاطهما الإجرامي، وجرى عرض القضية على النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
حرام شرعًا
قالت دار الإفتاء المصرية أن المتفق على تحريمه أي صورة يكون فيها مال الجائزة من جميع المتسابقين لأن الأحكام تناط بالمسميات لا بالأسماء، وقد يشتبه في إلحاق بعض الحالات بأي من الصورتين، فيحكم لها بحكم أقربهما شبها منها.
وأضافت في منشور عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بخصوص حكم المشاركة في مسابقات التكهنات الرياضية " هذه المسابقة إن كانت باشتراك مالي من المتسابقين فلا ريب أنها تكون من المراهنة والمقامرة الممنوعة؛ لأن المتسابقين بذلك يكون كل منهم قد أخرج مالًا معينًا ثم يأخذ الفائز منهم هذا المال جميعه فأما إذا لم يكن الاشتراك في هذه المسابقة بمقابل مالي؛ فإن الحكم الشرعي عليها بالجواز، وعليه فالاشتراك في مسابقة التكهنات الرياضية التي لا تتطلب دفع مال فيها جائز شرعًا إذا كان المتسابِق يبني توقعه على دراسات وتحليل منطقي".
مجرمة قانونًأ
ويجرم القانون المصري القمار والمراهنات حيث تقول المادة 352 من قانون العقوبات " كل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألف جنيه وتضبط جميع النقود والأمتعة في المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة ويحكم بمصادرتها.
ونصت المادة 353 من الفصل الخاص بأحكام ألعاب القمار والنصيب بقانون العقوبات رقم 73 لسنة 1957 على "يعاقب بهذه العقوبات أيضا كل من وضع للبيع شيئاً في النمرة المعروفة باللوتيري دون إذن الحكومة وتضبط أيضا لجانب الحكومة جميع النقود والأمتعة الموضوعة في النمرة".
ومع التقدم التكنولوجي، وانتقال المقامرة إلى الأونلاين، وأهمها المراهنات الرياضية لم يضع قانون الجرائم الإلكترونية رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ نصًا واضحًا على العقوبة ولكن يواجهها بالمادة ٢٣ من الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة وتقنيات المعلومات والتي تقول "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التى لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، فى الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية.
فإن قصد من ذلك استخدامها فى الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير.