انتشال 10 جثامين حتى الآن والبحث عن 4 مفقودات ونجاة 9
بعد نحو 3 أشهر من غرق «قارب» كان يقل عمال يومية من «نكلا» إلى موقع عملهم، استيقظ سكان تلك القرية البسيطة على حادث جديد إذ سقطت سيارة «ميكروباص» من أعلى معدية كانت تقل نحو 23 فتاة- أصل إقامتهن محافظة المنوفية- إلى محل عملهن في بيع الفاكهة، بمياه نهر النيل، ما أسفر عن انتشال 10 جثث حتى الآن ونقل 9 مصابات إلى المستشفى فيما لا يزال البحث جارِيًا عن 4 فتيات، إذ ألقت أجهزة الأمن القبض على السائق المتسبب في الحادث عقب هروبه.
المصيبة كبيرة
قبل نحو عامين، شهدت «نكلا» حادثًا مماثلًا بسقوط سيارة من أعلى معدية، لتجدد تلك الحوادث وطالب الأهالى باستكمال إنشاء كوبرى لمرور السيارات والمواطنين من عليه، إذ إن أغلب الضحايا كن فتيات وسيدات يعملن في المزارع ويضطررن للعبور بالمعدية من أشمون والقرى المجاورة للمركز إلى أبوغالب ونكلا في منشأة القناطر.
منذ صباح اليوم، يجلس أهالى الضحايا والمفقودين في «معدية أبوغالب» على شاطئ النيل، منذ استقبالهم نبأ غرق «ميكروباص» كان يقل فتياتهن وسيداتهن إلى مقر عملهن، كان أملهم العثور عليهن مٌصابات بجروح وكدمات، لكنهم ما إن رأوا «الحماية المدنية» تنتشل السيارة التي كان الضحايا يستقلونها فزعوا وأدركوا أن المصيبة كبيرة، وتذكروا حوادث'> حوادث مماثلة.
هنا الغطاسون إلى جانب الصيادين على قوارب الصيد، يبحثون عن الجثامين، ينادى أحدهم بصوت عالِ بأوصافهم جثة عُثر عليها لتوه يتجمع الأهالى من حوله يحدثون «هرج ومرج»، يٌصاب أهل الضحية بانهيار حين يتأكدوا من هويته، ويتشبث آخرون بأمل ألا يكون ذووهم ضمن الضحايا حتى تنتشل 10 جثث من قاع النيل، إذ جرى نقلهم بسيارات الإسعاف إلى ثلاجة حفظ الموتى بالمستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
ساب الفرامل
قبل ذلك، كان شهود عيان يتداولون تفاصيل مشاهد الموت التي وقعت أمام أعينهم، يقولون إن سائق «الميكروباص المنكوب» تشاجر مع شخص كان يتحرش لفظيًا بالفتيات ونزل إلى الأرض ونسى «تعشيق الفرامل»، وفى تلك الأثناء سقط «الميكروباص» في المياه، وسط صراخ الفتيات والسيدات داخله، ليهرول الأهالى والصيادون قبل مجىء «الإنقاذ النهرى» لإنقاذهن إذ تمكنوا من انتشال 6 طفلات وشابة وامرأة، وجميعهن مصابات ونقلن إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم.
«ساب الفرامل».. توصلت تحريات الشرطة إلى أن سائق «الميكروباص»، لم يكبح جماح «الفرامل» لدى نزوله، ولما رأى سيارته تسقط في المياه، لم يفكر سوى في نفسه ولاذ بالفرار من موقع الحادث، لتلقى أجهزة الأمن القبض عليه لتقدمه للنيابة العامة التي أخطرت بالواقعة.
لم يتبق تحت المياه سوى الفتيات: «وفاء»، و«آلاء»، و«سلمى»، و«هبة»، أصغرهن 14 عامًا، إذ انهارت والدة إحداهن ومن بين دموعها قالت: «بنتى حبيبتى مش بتعرف تعوم»، وأشارت إلى الصيادين و«الضفادع البشرية» ترجوهم: «والنبى خرجولى بنتى»، إذ حكت مأساتها للأهالى الذين التفوا من حولها لمواساتها: «دى عروسة زى القمر، كانت بتخرج على لقمة عيشها وبتجهز نفسها، لأن ظروفنا على أد حالها، يوميتها كانت 150 جنيه، وبتخرج من بيتنا في أشمون من ساعة الفجر مع زميلاتها، وبيرجعوا قبل وش العصر».
بنتي في 2 إعدادي
ورجل آخر من أقارب إحدى المفقودات الـ4، كان يصرخ ويروح ويجىء أمام الشاطئ، ومن ينظر إليه يرثى حاله، وهو يسرد مأساة الطفلة الغارقة، يقول: «دى بتصرف على إخواتها الـ4 الصغيرين، أبوها مريض بعيد عنكم بمرض خبيث، ولما كان بينزل يشتغل كان يوم يشتغل و10 لأ، والشغل في المزارع وتغليف الفاكهة هو المتاح لينا، وحبيبتى كانت مع أصحابها بيروحوا بالمعدية الشغل».
عند سيارة إسعاف، تقل جثمان الطفلة «جنى» إلى المستشفى، أمسكت أمها بـ«ترولى» عليه جسد الفتاة مسجى، أجهشت بالبكاء على «العروسة اللي حيلتى»، وهى تقول: «كنت واقفة معانا، معندناش شغل غير هنا في المزارع»، وكان يطالب أقارب الضحايا باستكمال العمل في إنشاء كوبرى منذ وقوع حادث «نكلا» قبل عامين وغرق أطفال من عمال اليومية أيضًا بعد سقوط سيارة كانوا يستقلونها في مياه النيل، يقول إن «المعدية هي الوسيلة الوحيدة لنقلنا إلى الجيزة، وكل فترة نسمع ونشوف حوادث'> حوادث غرق وتموت ناس».
«يتزفوا عرايس في الجنة».. يرددن سيدات أمام مستشفى وردان العام، حيث ترقد جثامين الفتيات الضحايا، قبل وصول فريق من النيابة العامة لمناظرتها قبل التصريح بدفنهن، لكن صراخ أمهاتهن متواصل:«هيدخلوا القبر، مش بيت ابن الحلال»، لترثى أم إحداهن «فلذة كبدها» تقول: «بنتى في سنة تانية إعدادى بتشتغل وتصرف على نفسها وبتجيب كتب وملازم ليها، وكان نفسها تطلع دكتورة، وراحت منى زهرة».