محرر الأقباط متحدون
البابا فرنسيس.. "التواضع هو كل شيء. هو ما ينقذنا من الشرير ومن خطر أن نصبح شركاء متواطئين معه. إنه مصدر السلام في العالم وفي الكنيسة. والله قد أعطانا مثالاً على ذلك في يسوع ومريم، من أجل خلاصنا وسعادتنا " هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في تعليمه الأسبوعي
أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان واستهلّ تعليمه الأسبوعي بالقول نختتم هذه السلسة من التعاليم بالتوقف عند فضيلة ليست جزءًا من الفضائل السبع الأساسية واللاهوتية، ولكنها في أساس الحياة المسيحية: وهذه الفضيلة هي التواضع. إنه المضاد الأكبر لأخطر الرذائل، أي الكبرياء. في حين أن الكبرياء والغطرسة ينفخان قلب الإنسان، ويجعلاننا نظهر أكثر مما نحن عليه، فإن التواضع يعيد كل شيء إلى البعد الصحيح: نحن مخلوقات رائعة ولكنها محدودة، ولديها نقاط قوة ونقاط ضعف. يذكرنا الكتاب المقدس منذ البداية بأننا تراب وإلى التراب سنعود، وكلمة "متواضع" في الواقع هي مشتقة من الدبال، أي التراب. ومع ذلك، غالبًا ما تنبعث من القلب البشري أوهام القدرة المطلقة الخطيرة!
تابع البابا فرنسيس يقول لكي نحرر أنفسنا من الكبرياء، لا يكفي سوى القليل، يكفي أن نتأمل السماء المرصعة بالنجوم لكي نجد المقياس الصحيح، كما يقول المزمور: "إذا أرى سماواتك عمل أصابعك، القمر والنجوم التي كونتها فمن هو الإنسان حتى تذكره؟ وابن آدم حتى تفتقده". ويسمح لنا العلم الحديث بأن نوسّع الأفق إلى أبعد من ذلك بكثير، وأن نشعر أكثر بالسرّ الذي يحيط بنا ويسكن في داخلنا. طوبى للأشخاص الذين يحفظون في قلوبهم هذا اليقين بصغرهم: هم يُحفظون من رذيلة سيّئة الكبرياء. في تطويباته، ينطلق يسوع منهم: "طوبى للفقراء بالروح، فإن لهم ملكوت السماوات". إنها الطوبى الأولى لأنها أساس التطويبات التي تتبعها: في الواقع، إن الوداعة والرحمة وطهارة القلب، جميع هذه الأمور تنبع من هذا الشعور الداخلي بالصغر. التواضع هو المدخل إلى جميع الفضائل.
أضاف الأب الأقدس يقول في الصفحات الأولى من الأناجيل، يبدو أن التواضع وفقر الروح هما على الدوام مصدر كل شيء. إن إعلان الملاك لم يتم على أبواب أورشليم، بل في قرية نائية في الجليل، وهي قرية غير مهمّة لدرجة أن الناس كانوا يقولون: "أَمِنَ النَّاصِرَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ صَالِحٌ؟". ولكن من هناك بالتحديد ولد العالم من جديد. والبطلة المختارة ليست ملكة نشأت في الغنج والدلال، بل فتاة مجهولة: مريم. أول من اندهش كانت هي نفسها عندما حمل لها الملاك إعلان الله. وفي نشيدها تبرز هذه الدهشة: "تعظم نفسي الرب، وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته". إن الله، إذا جاز التعبير، قد انجذب إلى صغر مريم، الذي هو بشكل خاص صغر داخلي.
تابع الحبر الأعظم يقول ومن الآن فصاعدًا، ستحرص مريم على ألا تكون في المحور. وأول قرار لها بعد إعلان الملاك كان الذهاب لمساعدة نسيبتها وخدمتها. ولا حتى الحقيقة الأكثر قدسية في حياتها قد أصبحت مصدر فخر لها أمام البشر. يمكننا أن نتخيل أنها عاشت أيضًا لحظات صعبة، أيامًا تقدم فيها إيمانها في الظلام. لكن هذا الأمر لم يزعزع تواضعها أبدًا، الذي كان في مريم فضيلة ثابتة. إنه قوتها التي لا تقهر: فهي التي بقيت عند أقدام الصليب، بينما كان يتحطم وهم المسيح المنتصر.
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول أيها الإخوة والأخوات، التواضع هو كل شيء. هو ما ينقذنا من الشرير ومن خطر أن نصبح شركاء متواطئين معه. إنه مصدر السلام في العالم وفي الكنيسة. حيث لا يكون هناك تواضع يكون هناك حرب وانقسام. والله قد أعطانا مثالاً على ذلك في يسوع ومريم، من أجل خلاصنا وسعادتنا.