الاب رفيق جريش

ها هى تدخل حرب غزة شهرها التاسع ولم يظهر لها أى انتهاء فى الأفق بعد أن فشلت أو عُلقت مباحثات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن وكذلك جرائم الحكومة الإسرائيلية تزيد يوماً بعد يوم، فيعد ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلى من حصار شامل على الفلسطينيين ومنع دخول المساعدات الإنسانية، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وينتهك كل القوانين والمواثيق الدولية بما يتطلب محاسبة ومحاكمة المسئولين عنها.

 

وهو ما يفرض ضرورة تحرك محكمة العدل الدولية بفاعلية واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، خاصة أنها موثقة بالصوت والصورة وتتم تحت مرأى ومسمع من العالم دون أن يحرك ساكناً خاصة العالم الغربى الرسمى الموالى لإسرائيل والذى أظهرت أزمة غزة الازدواجية التى ينتهجها فى التعامل مع حقوق الإنسان، وتطبيق القوانين الدولية وتجاهله وتغاضيه عما تقوم بها إسرائيل، بل إنه يوفر الدعم العسكرى والسياسى والمادى لها، وهو ما شجع حكومة الاحتلال على المضى قدماً فى جرائمها ضد الفلسطينيين دون اكتراث لأى اعتبارات أخلاقية أو قانونية.

 

وخير ما فعل المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، الذى طلب من المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وتعتبر هذه المرة الأولى التى تصدر فيها المحكمة الجنائية الدولية أوامر تمس بحليف وثيق للولايات المتحدة.

 

وأوضح المدعى العام فى تصريحات لشبكة «سى. إن. إن» الإخبارية، أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلى يتحمل المسئولية الجنائية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأشار إلى أن التهم الموجهة لنتنياهو وجالانت تشمل «التسبب فى الإبادة، والتسبب فى المجاعة كوسيلة من وسائل الحرب، بما فى ذلك منع إمدادات الإغاثة الإنسانية، واستهداف المدنيين عمداً فى الصراع».

 

برغم المناشدات الدولية والضغوط المتزايدة التى تطالب قوات الاحتلال الإسرائيلى بوقف عدوانها المستمر منذ ثمانية أشهر على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، ورغم قرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 2728 الذى ينص على الوقف الفورى لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً ودون أية عوائق، إلا أن حكومة الحرب الإسرائيلية لا تزال تصر على غلق المعابر خاصة معبرى رفح وكرم أبوسالم.

 

وتمنع دخول المساعدات الإنسانية فى إطار سياسة ممنهجة فى استخدام سلاح التجويع لكسر إرادة الشعب الفلسطينى ودفعه نحو التهجير القسرى والطوعى إلى خارج القطاع من خلال تحويله إلى جحيم ومكان لا يمكن العيش فيه عبر منع الغذاء والدواء والماء والكهرباء وكل مقومات الحياة الأساسية لأكثر من مليون ونصف شخص فى قطاع غزة يواجهون ظروفاً إنسانية صعبة ومحنة غير مسبوقة بل إلصاق الاتهام لمصر بأنها هى التى تغلق معبر رفح خلافاً للحقيقة الجالية أمام العالم.

 

ورغم هذا التعنت الإسرائيلى ومنع دخول المساعدات إلا أن مصر التى تتحلى بالصبر وضبط النفس الشديد مستمرة فى دعمها الإنسانى للفلسطينيين، إضافة إلى تحركها وتضامنها مع جنوب إفريقيا فى محكمة العدل الدولية ضد ما تقوم به إسرائيل من جرائم فى غزة، وهو ما يؤكد دائماً أن مصر ستظل هى الداعم الأساسى للشعب الفلسطينى، وأنها المدافع عن حقوق الشعب الفلسطينى فى المحافل الدولية، وحشد الدعم العالمى من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فى إطار حل الدولتين باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لحل هذا الصراع جذرياً، وتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.

نقلا المصرى اليوم