حمدى رزق
للعلامة «ابن حزم الأندلسى» مقولة، قانون، يسمونه «خدمة العامة'>قانون الخدمة العامة»، منقول عنه، طيّب الله ثراه: «مَن تصدر لخدمة العامة، فلا بد أن يتصدق ببعض من عرضه على الناس، لأنه لا محالة مشتوم، حتى وإن واصل الليل بالنهار»
وصديقنا الكبير الدكتور «أشرف زكى» من المتصدين للخدمة العامة من موقعه كنقيب للمهن التمثيلية، وعليه تمعن قول «ابن حزم»، وتاليًا سحب بلاغه ضد الصديق الناقد الفنى «طارق الشناوى»، وكما يقال، ما بين الخيرين (زكى والشناوى) حساب، وإن كنتم إخوات اتحاسبوا، بالأحرى اتعاتبوا، وخيرهما الذى يبدأ بالسلام.
لماذا؟.. لأن النقيب «زكى» طول عمره مشتغل بالعمل العام، ومَن يتصدر للعمل العام يتصدق ببعض من عرضه، وهذا ليس مدعاة للتفريط فى حقه أو حق زوجته الفنانة الكبيرة «روجينا»، ما هكذا تُورَد الإبل.. حقك علينا، وحقك تاخده بطيب خاطر، ليس بالبلاغات والشكايات والأقسام والمحاكم.
كما يقولون: «العتب على قد العشم»، فإذا كان الشناوى قد مس طرف ثوب الفنانة «روجينا» (زوجة زكى) فى معرض نقد فنى، فالشناوى يقينًا لم يقصد إساءة شخصية، ولم يتعمد اتهامًا جزافيًّا، ويمكن بلسمة الجرح النازف بكلمات طيبة.
والنقيب (زكى) شهادة لله، روحه طيبة، وعادة ما يتقبل النقد، حتى لو كان قاسيًا، بصدر رحب، وأريحيته مضرب الأمثال، وفى مواجهة مواقف أقسى عليه مما كتبه (الشناوى) كان حليمًا، كاظمًا لغيظه عند الغضب.
لا جال فى خاطر (الشناوى) اتهام زكى بما يكره، مارس نقده الفنى المشروع، فإذا اشتط القلم نقدًا، يمكن التصويب حبًّا، والترضية بما يليق ضرورة، ويبلسم جرحًا قد مسه القلم، ويا دار ما دخلك شر، وما يجمع الكبيرين يحلق بهما فوق خلاف عابر حول تفسير كلمة أو جملة فى سياق نقد فنى.
الموقف أبسط من البلاغات والقضايا والتراشق على الفضائيات، واشتغالات الصفحات الإلكترونية، كلاهما أكبر من أن يسقط فى الفخ الإلكترونى، بين قيل وقال، والدنيا تتفرج عليهما، وتزيد من شقة الخلاف بين طيبين (من الطيبة).
فى مثل هذه المواقف الطارئة، عادة ما ينفر كبار الفنانين والصحفيين لرأب الصدع، وتبريد المواقف، والجلوس على طاولة وصولًا إلى تفاهمات تُنهى الخلافات، مثل هذه الخلافات زوبعة فى فنجان، سحابة صيف، فشّة خلق، وفى الأخير من قبيل الكلام الساكت.
ما أزعج زكى حقًّا، يبدده الشناوى بأريحية، البلاغات والمحاكم ليست طريقًا مرصوفًا ولا موصوفًا، لا تحل، بل تُعقد، وتؤزِّم المواقف، وتُخلف حزازات وثارات لا محل لها من الإعراب.
قولى هذا مرتكن على ما لمسته من النقيب «أشرف زكى» من أريحية هى عنوانه، ومن خبرة بصديق العمر «طارق الشناوى»، لا يضمر شرًّا فى كتاباته، وثقته فى موهبة «روجينا» ثابتة فى مقاله، وخشيته عليها من محرقة «البطولة المطلقة» دفعته إلى تحذيرها.
تتألق «روجينا»، فيُثمن موهبتها «الشناوى»، ولكنه فى الأخير يرى فنيًّا ما لا يراه الآخرون، وهذا حقه مادام استمسك بنزاهة قلمه، وليس فى هذا خلاف عليه، والتعويل فى الأخير على أريحية النقيب ولطفه.
نقلا عن المصرى اليوم