حمدى رزق

هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟!.

هل يصلح بيان مؤسسة «تكوين الفكر العربى» ما أفسده ظهورات مقبضة لغلاة منتسبيها على الشاشات؟!.

من بيان تكوين: «لن نخوض أى مناظرة عقائدية تخص أى ديانة، فهذا ليس فى صميم أهدافنا».

يترجم رفضا مهذبا لمقترح (المناظرة) التى طلبها الدكتور أسامة الأزهرى (منفردا) فى مواجهة (كل رموز) تكوين، وزيادة دعوة الأزهرى للمشاركة فى نشاطات المؤسسة الفكرية.

 

بيان «تكوين» عاقل ورشيد، ليته كان مبتدأ (تكوين) قبل خبرها الذى ذاع على ألسنة العامة بسوء، يقولون «لسنا فى مواجهة أو عداء أو رغبة فى المجادلة مع أى مؤسسة دينية».

 

حسنا أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى أبدا بالخبر اليقين، الرد يعكس رشادة غابت عن بعض رموز تكوين فى هبتهم الأولى، برزوا متحدين ما حك أنوف كثيرا من الطيبين، أراه ردا حصيفا، بعيدا عن اللجاج، بمعنى التمادى والعناد فى الفعل المزجور عنه ومنه.

 

البيان التكوينى يؤسّس للقواعد الحاكمة لطروحاتها مستقبلا، وكأنهم يقطعون عهدا، بالحوار (الفكرى لا الدينى) مع المختلفين والمخالفين فى الرأى.

 

من حسن البيان: «حرصت تكوين منذ إنشائها على ألا تتخندق فى أى معسكر يظهر كأنه مجابه أو معاكس للمؤسسات الدينية فى الوطن العربى، وفى القلب منها مؤسسة الأزهر الشريف».

 

واللبيب من الإشارة يفهم، مؤداه «لسنا فى مواجهة مع الأزهر الشريف وعلمائه»، وهذا عين الصواب.

 

ويزيد البيان التكوينى الأمر وضوحا، نصا «وإذ تكن المؤسسة (تكوين) كل احترام لمؤسسة الأزهر الشريف وكل المنتمين إليها».

 

مهم احترام المؤسسات الدينية، سيما الأزهر الشريف، وكان البعض ينادى على الأزهر لينفر فى مواجهة (تكوين).

 

لافت ذكاء الرد التكوينى فى عموم البيان، والتوكيد على احترام الأزهر وعلمائه، سيما أن الإمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر، كان حكيما، والتزم فضيلته صمتا وصبرا على ما يقولون.

 

لم يفت كاتب البيان تبيان أهداف المؤسسة (تكوين) فى معرض الرد على طرح الدكتور الأزهرى بالمناظرة، برفض المناظرة على أرضية دينية، لأنها تخالف أهداف المؤسسة.

 

تكوين هكذا تنفى عن نفسها الشبهات التى أطلقت فى إثرها، فى عقبها مباشرة، وترسم نفسها مجددا، بأنها مؤسسة فكرية، وليس من بين أهدافها تصريح أو تلميح ما سماه بعض الرافضين لتكوين إنكار السنة النبوية المطهرة.

 

البيان يبان من عنوانه، (تكوين) ليست مؤسسة منكرة للسنة، ولا تتعمد حك أنوف المؤمنين، وليست فى صدام مع الثوابت الدينية والاجتماعية، وأهدافها التسامح وإعلاء قيم الحوار، والرأى والرأى الآخر.

 

 

للأسف تأخرت تكوين كثيرا فى بيانها الأخير، وجاءت بعد أن تسممت مياه النهر، بعد أن وصمت بالإلحاد وإنكار السنة، وغيرها كثير من الاتهامات مطلقة السراح التى لقفت «تكوين» باكرا من فمها، وسجنتها مجتمعيا فى خانة الكفر البواح.. وفى الأخير نقولها تعقيبا على البيان التكوينى، ولا أزيد ولا أنقص «أفْلَحَ إنْ صَدَقَ»!.

نقلا عن المصرى اليوم