ياسر أيوب

حين اتفق مسؤولو جامعتى شيفيلد وكامبريدج فى 1868 على 90 دقيقة '> 90 دقيقة فقط زمنا لكل مباراة كرة.. قالوا وقتها إنه لو زاد وقت المباريات عن 90 دقيقة '> 90 دقيقة سيشعر اللاعبون بالإجهاد وسيفقد المتفرجون تركيزهم واهتمامهم.. وبعد سنين كثيرة جدا.. ثبتت صحة رؤية هؤلاء المسؤولين، وأن اللاعبين يصعب عليهم اللعب أكثر من 90 دقيقة '> 90 دقيقة لكنهم فى المقابل لم يكونوا على صواب حين تخيلوا أن الجماهير ستشعر بالملل وتفقد تركيزها.. فالمباراة بالنسبة لمعظم هذه الجماهير ليست هذه الدقائق التسعين فقط ولا تبدأ أو تنتهى بصفارة حكم.. فمباراة نهائى دورى أبطال إفريقيا على سبيل المثال لم تبدأ بالنسبة لجماهير الأهلى فى الساعة الثامنة مساء أمس الأول.. إنما بدأت قبل ذلك بأيام سواء من بدأ يسكنهم القلق والتوتر والترقب أو الذين بدأوا رحلة الشقاء والحب بحثا عن تذكرة.

 

وأيضا لم تنته هذه المباراة بصفارة أخيرة للحكم وفوز الأهلى بالبطولة.. فستبقى المباراة مستمرة لكثير من الجماهير وتطول عنها أحاديث ممزوجة بفرحة وكبرياء.. وتكرر نفس الأمر مع جماهير الزمالك أيضا قبل وأثناء وبعد نهائى الكونفدرالية التى فاز بها الزمالك.. وإذا كان مسؤولو جامعتى شيفيلد وكامبريدج قد أخطأوا فى حساب التسعين دقيقة.. فقد كان روبرت جورين على صواب تماما حين توقع فى 1903 أن كرة القدم لن تبقى مجرد لعبة، إنما ستكون لها وظائف وأدوار أخرى كثيرة مختلفة ومهمة جدا.. ورغم أن روبرت وقتها كان مجرد صحفى فرنسى شاب عمره 27 عاما.. إلا أنه سبق الجميع حين توقع ما ستصل إليه كرة القدم من مكانة وشهرة وضرورة.

 

 

وبدا روبرت غريبا أو مجنونا فى عيون الجميع حين بدأ يصرخ ويكتب ويطالب بتأسيس اتحاد دولى لهذه اللعبة التى ستصبح لعبة العالم الأولى والمهمة.. ونجح روبرت فى 1904 رغم سخرية الكثيرين وشكوكهم فى تأسيس الفيفا فى باريس، وأصبح أول رئيس له.. ومات روبرت ومات القليلون الذين أيدوه والكثيرون الذين عارضوه وسخروا منه قبل أن يروا كيف أصبحت كرة القدم فى العالم كله اليوم.. وأعود هنا مرة أخرى لمباراة أمس الأول التى فاز فيها الأهلى بدورى الأبطال ومباراة الأسبوع الماضى التى فاز فيها الزمالك بالكونفدرالية.. فقد كان هناك وسط جماهير الناديين الكبيرين من انتظروا الفوز وظلوا يحلمون به ليس فقط لأنهم يحبون ناديهم.. إنما كانت لكل واحد منهم دوافعه الشخصية التى لا علاقة مباشرة لها بكرة القدم.. الخلاص من حزن ووجع وإحباط واكتئاب والهروب من أزمات حياتية واقتصادية ومهنية.. ومن أجل هؤلاء الذين أصبحت اللعبة لهم حلما وحياة وبديلا ودواء.. كانت وستبقى كرة القدم.

نقلا المصرى اليوم