القمص يوحنا نصيف
    في الحقيقة أنه لا يمكن للإنسان ان يتذوَّق خبرة القيامة دون أن يجتاز في خبرة الموت.. فلا توجَد قيامة بدون صليب وموت وقبر، ومَن يهرب من الصليب يستحيل عليه التمتُّع بالقيامة.. وقد عبّر الإنجيل عن هذه الحقيقة يآيات كثيرة متنوِّعة، أَستعرِض معكم بعضها لتوضيح الفكرة:

   + "كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضًا" (2كو5:1).

   + "إن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمُت فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير.." (يو24:12).

   + "إن كُنَّا قد مُتنا معه، فسنحيا أيضًا معه. إن كُنَّا نصبر فسنملك أيضًا معه.." (2تي11:2-12).

   + "كان لنا في أنفسنا حُكم الموت، لكي لا نكون متّكلين على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات، الذي نجّانا من موت مثل هذا، وهو ينجِّي، الذي لنا رجاء فيه أنه سينجِّي أيضًا فيما بعد" (2كو9:1-10).

   + "إن كُنَّا نتألَّم معه، لكي نتمجَّد أيضًا معه" (رو17:8).
   + "خِفّة ضيقتنا الوقتيّة تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجدٍ أبديًّا" (2كو17:4).
   + "آلام هذا الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلَن فينا" (رو18:8).
   + "مَن يحب نفسه يهلكها، ومَن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبديّة" (يو25:12).
   + "مَن أراد أن يخلِّص نفسه يهلكها، ومَن يُهلِك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلِّصها" (مر35:8).
   + "مع المسيح صُلِبت فأحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل20:2).
   + "الآن، يتعظّم المسيح في جسدي، سواءً كان بحياة أم بموت. لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح" (في20:1-21).

   + "بكل سرورٍ أفتخر بالحريّ في ضعفاتي، لكي تحلّ عليّ قوّة المسيح، لذلك أُسَرّ بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح. لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2كو12: 9-10).

   + "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا. لأننا نحن الأحياء نُسلَّم للموت من أجل يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا المائت.." (2كو10:4-11).

   + "مَن سيفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدّة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عُري أم خطر أم سيف؟.. قد حُسِبنا مثل غنمٍ للذبح.. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبّنا" (رو35:8-37).

    حينما نفكِّر في الضيقات التي نمرّ بها في هذه الحياة، من ناحية تنوّعها وتواليها بلا توقُّف، ولماذا يسمح بها الله محبّ البشر؟ فإنّ الآيات السابقة تساعدنا على الفهم، وتكشف لنا مشيئة الله، الذي يريد أن ندخل معه في اختبار موت حقيقي، لكي نتذوّق معه أيضًا بهجة وانتصار القيامة..

    فالأحداث المؤلمة تكون بركة للذين يقبلونها من يد الله بروح الاتضاع، ويلجأون إلى التغذِّي بالكلمة الإلهيّة والدخول لعمق فهمها.. ولعلّ هذا ما تفعله الكنيسة عندما تقودنا في أسبوع البصخة إلى الدخول في عبادة حارّة بعمق كبير، مع قراءات غنيّة تُحَرِّك التوبة داخلنا، فنُصلِّي بحبّ وانسكاب كامل، لكي ننال الثمرة المُفرِحة؛ التي هي التمتُّع بقوّة القيامة في حياتنا..!

    هكذا دائمًا، الآلام التي يَمُرّ بها أولاد الله تزيدهم قوّةً وصلابةً وثباتًا في الإيمان، إذ تتذوَّق النفس خبرة الموت مع المسيح، ثُمّ خبرة الحياة الجديدة التي لا يغلبها الموت!

    في الحقيقة، إنّ خبرة الموت وخبرة القيامة مضفوران معًا، وستظلّ الكنيسة تعيشهما طوال فترة الغربة على الأرض، حتى يُشرق فجر الأبديّة..!!
* تدريب:

    افتح إنجيلك، واستخرج منه الآيات المذكورة في هذا المقال، وضع خطًّا تحت كلٍّ منها.. وإن أمكن، أعِد كتابتها في نوتة روحيّة خاصّة بك، لتثبت أكثر في ذهنك وقلبك، وتكون لك ينبوعَ تعزيةٍ ورجاءٍ..
القمص يوحنا نصيف
الخمسين المقدّسة 2024م