محرر الأقباط متحدون
"أسأل مريم العذراء، الأم والمعلمة، أن تلهم مبادراتكم والتزامكم في خدمة مدارسكم: لتحميكم، وتثبتكم في المسيح، وتجعلكم شهودًا لمحبته على الدوام" هذا ما كتبه قداسة البابا فرنسيس في رسالته إلى رابطة أولياء أمور طلاب التعليم الحر

بمناسبة مؤتمر رابطة أولياء أمور طلاب التعليم الحر الذي يعقد في فالنسيا من ٣٠ مايو وحتي ٢ يونيو وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين كتب فيها أنتم تنوون هذه الأيام أن تعملوا وتتأمّلوا وتناقشوا رسالتكم في خدمة الجماعة التربوية وأنا آتي للانضمام إلى تأمّلكم، لأن الشباب والعائلات، حاضر ومستقبل مجتمعاتنا، هم في محور اهتمامي. وقد حظيت جمعيات أولياء الأمور بتشجيع خاص من المجمع الفاتيكاني الذي حث المسيحيين على أن يقدّموا مساعدتهم بشكل عفوي من أجل متابعة ودعم جميع أعمال المدرسة.

تابع البابا فرنسيس يقول أعزائي أولياء الأمور، أنتم الرواد والحرفيون الأوائل لتربية أطفالكم، لكن هذه المهمة تتطلب مساعدة المجتمع بأكمله، بدءًا من المدرسة. يسمح التحالف القوي بين المدرسة والعائلات بنقل المعرفة في الوقت عينه الذي تُنقل فيه القيم الإنسانية والروحية. وبالتالي فإن هذا التحالف التربوي يشكل فرصة لتعزيز التربية المتكاملة للإنسان من أجل ضمان بناء عالم أكثر إنسانية وضمان بعده الروحي. باختصار، يتعلق الأمر بمساعدة الشباب على اكتشاف مخطط الله لكل واحد منهم.

أضاف الأب الأقدس يقول ومن ناحية أخرى، تشكل المدرسة-الجماعة عالمًا مصغرًا حقيقيًّا ومُنفتحًا على المستقبل. ويشمل الذين يشاركون بشكل مباشر في العملية التربوية، من الإدارة والطاقم الإداري وصولاً إلى المعلمين وأولياء الأمور، الذين هم المحور المركزي الذي يدور حوله هذا العالم الصغير. وهكذا أنتم تمنحون الحياة لجماعة تأخذ، بأدوار متنوعة وأهداف متقاربة، خصائص جماعة مسيحية وبشرية تعززها المحبة.

تابع الحبر الأعظم يقول إن الدرب الذي يجب اتباعه في هذا المجال، كما هو الحال في العديد من المجالات الأخرى، يبقى درب التحالف واللقاء والتعاون. لذا فإن التزامكم كآباء، في خدمة جماعاتنا التربوية، هو أمر ضروري وأشكركم عليه. إنها إحدى ركائز الميثاق التربوي العالمي الذي أدعوكم إلى اقتراحه بحماس، حتى إزاء الآراء المتباينة، لأن "القناعات الدينية حول المعنى المقدس للحياة الإنسانية تسمح لنا بالاعتراف بالقيم الأساسية للإنسانية المشتركة، قيم يمكننا وعلينا باسمها أن نتعاون ونبني ونتحاور ونسامح وننمو، ونسمح لمجموعة الأصوات المتنوعة أن تشكّل نشيدًا نبيلًا ومتناغمًا.

وأخيراً، أضاف الأب الأقدس يقول أيها الأهل الأعزاء، لا تنسوا وظيفة الزمن التربوية! أنتم تعلمون من الخبرة أن التربية لا تنتهي مع الدراسة، إنَّ آثارها تظهر طوال الحياة وتسمح لنا بقبول الأفراح والتجارب التي تطبعها. وكما هو الحال في مثل حبة الخردل، فإن عمل الآباء والمعلمين، الصعب لأنه دقيق، يتطور مع الفصول ولا بد أن يأتي بثمار غير متوقعة في المستقبل. في هذه الأثناء، أدعوكم "لكي تنتهزوا الوقت الحاضر" بحسب تعبير القديس بولس وتواجهوا التحديات الحالية بشجاعة. أفكر بشكل خاص في التحدي الذي يمثله الذكاء الاصطناعي والطريقة التي يُحدث بها ثورة في أساليب التفكير الذاتي، تذهب أبعد من أساليب التعليم. ولمواجهة هذا التحدي الذي لا يؤثر فقط على الأخلاق، وإنما على تنشئة ذكاء وحكم أبنائكم، وجميع الشباب، أؤكد لكم أن الكنيسة تقف إلى جانبكم. يوجد هنا عمل تمييز كامل أدعوكم إلى القيام به مع الجماعة التربوية بأسرها ونور الكنيسة، لأن هذا النوع من التحدي لا يمكنكم مواجهته بمفردكم!

وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أتمنى أن تقودكم أيام التأمل هذه المخصصة لـ "التربية من أجل الحياة" لكي تجعلوا المدرسة الجماعة مدرسة حياة حقيقية، وتسمحوا لأبنائكم بأن يواجهوا عالمًا صعبًا ولكن ينيره الرجاء؛ رجاء يقوم على وعود المسيح الذي لا يخيب. أسأل مريم العذراء، الأم والمعلمة، أن تلهم مبادراتكم والتزامكم في خدمة مدارسكم: لتحميكم، وتثبتكم في المسيح، وتجعلكم شهودًا لمحبته على الدوام. أبارككم من كل قلبي وأبارك عائلاتكم، بدون أن أنسى الجماعات التربوية التي تعملون فيها.