صلاح الغزالي حرب
أولا.. تساؤلات مشروعة تنتظر الإجابة:
ونحن على أعتاب الجمهورية الثانية ينتظر المواطن المصرى من كل مسؤول فى كل مناحى الإدارة الحكومية أن يكون ذا خبرة عملية تؤهله للتواصل مع المواطن بسهولة ويسر، كما هو الحال فى العالم المتحضر، وقد سعدت كثيرا بنداء الرئيس السيسى للوزراء وكل المسؤولين بأن يتواصلوا بشفافية وصراحة مع المواطنين ويتذكروا جيدا أنهم يعملون لخدمة المواطن دافع الضريبة.. وسوف أقوم اليوم بعرض بعض التساؤلات التى وصلتنى من الكثيرين الذين فشلوا فى التواصل مع المسؤول.

الأول.. فى مجال التعليم والتعليم العالى:
1- لماذا الإصرار على إجازة سنوية لمدة 5 شهور فى الابتدائى والإعدادى والتى تشكل عبئا كبيرا على الوالدين من ناحية، كما أنه يزيد من التصاق التلميذ بجهاز المحمول وما ينتج عنه من مساوئ نعلمها جميعا، ولماذا لا نسمح للمدارس بأن تفتح أبوابها لهؤلاء التلاميذ فى فترة الإجازة كى يمارسوا ما لديهم من مواهب متعددة من قراءة ورياضة بدنية وفنون، من رسم وغناء وتمثيل وغيره نظير مبالغ مناسبة يتم الاتفاق عليها مع ولى الأمر وتخصص كمكافأة للمشرفين على هذا النشاط؟.

2- لم أسمع من قبل عن وزير تعليم فى العالم من حولنا يتفقد أماكن الامتحانات مع ما ينتج عنه من ارتباك وتشويش على الطالب الممتحن بلا أى فائدة تعود عليه ويكفيه التركيز على منع فضيحة الغش التى تلازمنا منذ سنوات، وبالقطع هناك طرق كثيرة لمنع هذه الظاهرة السيئة، كما يجب أن تكون العقوبة لمن يدبر هذا الأمر بحجم الجريمة، خاصة فى الريف والصعيد حيث ينتقل البعض إليها لتسهيل الغش.

3- لن يتقبل المجتمع المصرى أى محاولة جديدة باسم تجديد أو تحديث الثانوية العامة ومكتب التنسيق من وزير واحد ولكنه ينتظر سريعا عقد مؤتمر يضم المتخصصين فى طرق التعليم من داخل مصر وخارجها والتوصل إلى صياغة حديثة يلتزم بها كل وزير للقضاء على ما يسمى بعبع الثانوية وفضيحة المراكز الخاصة التى بكل أسف حلت مكان المدرسة فهل من استجابة سريعة؟.

4- تحدث الرئيس السيسى عن أهمية تشجيع شبابنا على الالتحاق بالتخصصات العلمية، وفى مقدمتها التكنولوجيا الحديثة فى كافة المجالات وعدم الإسراف فى أعداد الطلاب فى المجالات النظرية مثل الآداب والحقوق والذين يصعب على الكثير منهم الالتحاق بسوق العمل المناسبة لهم وأنا أتفق تماما مع هذا الاتجاه، لكننى فوجئت بتصريح منسوب لوزير التعليم العالى يعلن فيه الاتفاق على وجود سنة تمهيدية بعد الانتهاء من الثانوية العامة، وكان المفروض أن نعطى فرصة لمناقشة احتياجات سوق العمل فى مصر مع عمداء الكليات ووزارة التخطيط وممثلى الغرف التجارية والصناعية وغيرهم لوضع سياسة تحقق كل الرغبات.. فنحن نعلم أن هناك كليات لا تقبل الطالب إلا بعد إجراء امتحان تمهيدى للقدرات يؤهله للالتحاق بها مثل كليات الفنون الجميلة والتطبيقية والتربية الموسيقية والتربية الرياضية والتربية النوعية وغيرها، وقد ناديت كثيرا بالعودة إلى السنة التمهيدية للكليات الطبية (بشرى وأسنان وعلاج طبيعى وصيدلة وبيطرى وتمريض)، والتى يمكن من خلالها أن نوجه الطالب إلى المناسب له من تخصص بإضافة نسبة من درجة الثانوية إلى الامتحان التمهيدى وبالنسبة لتخصص طب الأسنان والصيدلة فقد طالبت النقابتان بتقليص الأعداد فى الكليتين.. أما عن الكليات النظرية فيتحتم اختيار عدد محدد يتناسب مع احتياجات المجتمع، وفى نفس الوقت علينا أن نكثف الإعلان عن أهمية الكليات التكنولوجية وتحويل معاهدها إلى كليات مع الاستعانة بخبراء من مصر والخارج مع الإعداد الجيد لدراستها.. التأنى فى هذه القرارات مهم لتحقيق الهدف المنشود ولا يليق ولا يمكن الإعلان عن إغلاق هذه الكليات.

الثانى.. فى مجال الأمن العام:
بداية يجب الاعتراف بأن وزارة الداخلية تعتبر أكثر وزارة تستجيب لمطالب المواطن وتساؤلات الكتاب فلها كل التقدير والاحترام وسؤال اليوم عما يسمى المسجل خطر وهم المدانون جنائيا والمفرج عنهم بالقانون، فكلنا يلحظ فى السنوات الأخيرة كثرة جرائم لم نتعود عليها، وكان مرتكبوها من المسجلين خطر.. كما أن هناك فيما يبدو انتشارًا ملحوظًا فى استخدام السلاح الأبيض بأنواعه من الكتر إلى السيف والذى شاهدناه مؤخرا فى إحدى المحافظات والمقترح بالنسبة للمسجل خطر هو إعادة النظر فى عدم السماح بخروجه الا بعد دراسة نفسية ومراقبة جادة له وإذا لم يكن لائقا فيمكن وضعه فى معسكرات تستخدمه فى العمل المناسب له حتى يؤمن خروجه، وعن السلاح الأبيض أطالب بتشديد تطبيق قوانين استخدام مثل هذه الأسلحة مع توقيع عقوبات رادعة لحامليها من أجل إعادة الأمان للشارع المصرى.

الثالث.. فى مجال الكهرباء والبترول:
كنت قد اقترحت دمج الوزارتين فى وزارة واحدة لتوحيد التنسيق فى هذا المجال شديد الأهمية،لكى لا تتكرر ظاهرة انقطاع الكهرباء اليومى تحت اسم تخفيف الأحمال نتيجة نقص الغاز الطبيعى اللازم لتشغيل الكهرباء، وفى مثل هذه الأزمات كان لابد أن يعقد وزير البترول مؤتمرا صحفيا ويتعامل مع المواطنين لتفسير هذا اللغز بعد تبشيرنا بالغاز وإمكانية تصديره بعد الاكتفاء الذاتى!، وهنا فقط يمكن للمواطن أن يشارك فى المناقشة، وقد انزعج المواطنون من تصريحات السيد رئيس الوزراء بأن الانقطاع سوف يستمر حتى انقضاء فصل الصيف شديد الحرارة!، كما أن هذا الانقطاع أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الدواجن مما أدى إلى زيادة الأسعار وأصبح من المحتم أن توضع بدائل أخرى لهذه الأزمة، ومن المقترحات التى وصلتنى أنه يمكن بدلا من قطع الكهرباء فى هذا الجو الحار وفترة الامتحانات أن يتخذ قرار بإغلاق كل المحلات والمولات الضخمة فى الساعة الثامنة كما هو الحال فى العالم من حولنا مع استثناء المطاعم والمقاهى لتغلق فى الثانية عشرة، وعلى الأجهزة المحلية أن تتولى وتراقب التنفيذ تحت إشراف المحافظ، كما يجب وضع عقوبات رادعة للمخالفين وسارقى التيار الكهربى وما أكثرهم بكل أسف.

ثانيا.. نداء استغاثة من القاهرة الجديدة:
ليست هذه هى المرة الأولى التى أشير فيها إلى التدهور المتزايد فى القاهرة الجديدة التى لجأنا إليها هربا من الزحام والفوضى التى أصابت الكثير من الأحياء الراقية، وغيرها فى القاهرة الكبرى، نتيجة تقاعس بعض المحافظين وفساد وإهمال المحليات، وبمرور الوقت بدأ التدهور والإهمال فى المدن الجديدة، ومنها القاهرة الجديدة، ومع تكرار الشكوى أيقنت أن هناك خللا فى التواصل بين المسؤول والمواطن، فلم يتحرك السيد وزير الإسكان ولا رئيس هيئة المجتمعات العمرانية ولم نسمع صوتا للمسؤول عن إدارة القاهرة الجديدة فى الوقت الذى يُنادَى فيه دائما بأهمية التواصل والمصارحة والمشاركة مع المواطن والأمثلة كثيرة:

1- الفشل فى حل مشكلة الميكروباصات التى تعيث فى الأرض فسادا بغير رادع من قانون.

2- الفشل فى حل مشكلة انقطاع المياه صباحا فى الكثير من المناطق.

3- عدم الاهتمام بنظافة المدينة.

4- فوجئ السكان، منذ أيام، بفرق الجهاز وهى تعمل بهمة لفك الرصيف السليم وتركيب رصيف جديد بغير مبرر على الإطلاق، وهو ما قد يشير إلى إهدار المال العام فى الوقت الذى تحتاج فيه المدينة الى اهتمام أكثر بالمساحات الخضراء.

5- منطقة الشويفات بالتجمع الخامس هى من أرقى الأحياء بالمدينة وفيها مساحة واسعة خالية كان ينتظر السكان تحويلها إلى حديقة تساهم فى تنقية الهواء وخدمة المواطنين، لكنهم فوجئوا بأنها أصبحت مخصصة للمنفعة العامة بعيدا عن هيئة المجتمعات العمرانية وبدأت اللودرات تعمل من أجل إقامة محلات ومولات وكافيهات بغير استشارة أهالى المنطقة، مع العلم بوجود الكثير من المولات والمحلات بالقرب منها، وقد توالت الشكاوى إلى مجلس الوزراء، وإلى جهات أخرى من السكان الذين كانوا قد دفعوا أموالا كثيرة باعتبارها منطقة متميزة تتمتع بالهدوء وبدأ البعض فى التفكير فى الانتقال إلى مدينة أخرى.. وتبقى بعض الأسئلة الحائرة: إلى متى يستمر تجاهل نداءات ضرورة احترام رغبات المواطن وإجراء الحوار والمناقشة فى كل ما يخص المواطن؟ ألا يعلم كل مسؤول أنه يعمل لخدمة المواطن دافع الضرائب؟ لقد وصلتنى احتجاجات كثيرة على ما يحدث فى منطقة الشويفات، وهو للأسف ما يحدث فى أكثر من موقع فى كل المحافظات.

إذا لم يكن المسؤول- أى مسؤول- غير قادر على الوفاء بمتطلبات وظيفته، فعليه أن يغادر احتراما لنفسه ولوطنه.
نقلا عن المصرى اليوم