مودي حكيم
«كل السهام أصابت أهدافها».. مثل شعبى صينى، تقف أمامه حائرًا فكل شىء يأتى من الصين.. تكنولوجيا البث والهواتف، ومعدات النقل، والوباء واللقاح وشهادة الوفاة أيضًا، أصاب «كوفيد 19»، الذى ظهرت الحالة الأولى منه فى ووهان بالصين، العالم كله، ومع الفيروس القادم من الصين أتتنا ظاهرتان مرضيتان أكثر ضررًا من الفيروس اللعين لتصيب مجتمعنا، ولهما أعراض مزمنة وطويلة. مصيبتان مصدرهما آسيا أصابتا منطقتنا، والغريب أنهما تحملان نفس الحروف الأبجدية وتشاركان نفس العدد 6 أحرف،
إحداهما «التيك توك»، من الصين، والآخر «التوك توك»، من الهند، أصبحا بانتشارهما الواسع عالميًا، وبالذات فى مصر وبقية الدول العربية، مرضين مزمنين، يلعبان دورًا خطيرًا فى حياتنا اليومية.
أولهما خلق عالمًا أصبحت فيه التسلية هى المصدر الوحيد للمعلومات والثقافة، تسلية تعمل على إثارة الغرائز ونشر التفاهة والتفكير السطحى مع المحتوى الفقير الضحل.
والآخر وسيلة مواصلات أسأنا استخدامها فبدلًا من أن تُستخدم فى الشوارع والطرق الضيقة أو المناطق النائية، زاحمت وسائل المواصلات فى الطرق والكبارى. ظاهرة لا يمكن إهمالها، وهى تتحول إلى كارثة يمكن أن تقضى على روح وهوية وحضارة مصر، ظاهرة تغطى على المظهر الحضارى الذى نسعى ونحارب من أجله. فـ«التوك توك» بانتشاره أصبح ظاهرة وواقعًا مؤسفًا فى شوارعنا، وخلق فوضى بشوارع العاصمة بلا رقابة ولا رادع، خرج من مكانه الطبيعى بالمناطق العشوائية وطرقاتها الضيقة التى لا يطالها النقل العام إلى وسط المدينة بشوارعها وكباريها بدون حذر أوعقاب، أو حتى جندى مرور يوقفه عن مخالفاته وجرائم سيره المرورية، ساهم فى انتشار جرائم وحوادث سرقة وخطف وترويج وتوزيع مخدرات، وهروب الطلاب من مدارسهم، والحرفيين من ورشهم.
وضياع أكثر من حرفة وتعرضها للاندثار، هرب عمال المصانع والمطابع والشركات من نظام العمل والالتزام والولاء إلى حياة أسهل فى نظرهم بلا قيود، اختفى الكثير من الحرفيين، الحرف التى شكلت الإنسان المصرى، التى تعبر عن هويته وحفظها من الاختلاط مع الهويات والثقافات الأخرى، والتى كانت فى وقت من الأوقات ترفع اسم مصر عاليًا فى المحافل الدولية. هل تنازلنا عنها مقابل «التوك توك»؟ ولدينا 4 ملايين «توك توك» تمحو 4 ملايين حرفى! آلاف من الطلاب بمختلف الأعمار حتى الأطفال منهم يعملون سنويًا على «التوك توك».
وللحديث بقية..
نقلا عن المصرى اليوم